[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] من يرى نظرات الغزية غادة 46 عام اللتان يتملكهما الامل ، لايصدق أنها مازالت تبحث عن شريك عمرها الذي ضّيعته بقرارتها المتعجلة مرات عديدة حين كانت في العشرينيات من عمرها ، لم تكن وقتها تحلم بزوج "عادي " وهي ابنة الاسرة المرفهة والعائلة العريقة ، حتى تغير عليها كل شيء في لحظة بعد أن حطمت العنوسة آمالها وامتلء رأسها شيباً ، فباتت تقبل بزوج يشاركها حياتها بقية عمرها حتى لو كان متزوج من نساء أخريات ، ضّيعت غادة الكثير من فرص الزواج ولم يتبقى لها الآن سوى لوم والديها لعدم الزامها بالزواج والذين فضلوا عدم التدخل في حريتها الشخصية .
ولكن قصة غادة التي تشكو العنوسة ليست الوحيدة بين قصص نساء أصبحن يعانين من العنوسة والزواج المبكر أيضاَ ، فهذه سارة ابنة الثانية والعشرين من عمرها تشكو ظلم والدها لها بعد أن زوجها مرات عديدة بهدف الحصول على المال ، الزواج الاول لسارة كان في الرابعة عشر من عمرها ، ولم يستمر سوى عام ونصف ، حتى أجبرها والدها على الانفصال ، والارتباط بزوج ثانِ ، حتى نجحت أخيراً برفض قرارته ونطقت في وجهه باستحياء مرددة " لا " ، بعد جهود بذلها أخصائيون اجتماعيون من أحد المراكز الاجتماعية المتخصصة بالارشاد الاجتماعي والنفسي في قطاع غزة أثمرت جهودهم تلك عن إنهاء مأساة سارة بارتباطها بزوج آخر وتكوين أسرة ناجحة يشاركهم فيها خمسة أبناء ، وفي حالة مختلفة من حالات ضحايا الزواج المبكر وجدت الهام 14عام نفسها عاجزة أمام فهم متطلبات الحياة الزوجية ، فما كان من زوجها الثلاثيني من عمره سوى الانفصال عنها ، والارتباط بزوجة جديدة تكافئه في العمر ، وليس بعيداً عن قصة سارة ، فلم تكن تعلم " الطفلة " عبير أن عليها الانجاب من زوجها وهي لم تبلغ من عمرها سوى الثالثة عشر عاماً ، فهي قد لاتكون تعرف معنى الزواج بعد ، عبير تأخرت عن الحمل مدة 4 سنوات فما كان من زوجها سوى الارتباط بزوجة ثانية ، رغم أن الطبيب طالبه بالصبر كونها صغيرة السن .
هيام الجرجاوي مديرة بيت الامان للنساء المعنفات بقطاع غزة تقول
" لدنيا الوطن أن معظم الحالات التي يتلقاها المركز ناتجة عن الزواج المبكر وما يتبعه في كثير من الحالات من تفكك أسري يدفع ثمنه الاطفال وحدهم ، مشيرة إلى أن الزواج المبكر يجعل الكثير من الفتيات " أمهات قبل أوانهم " وهو ما يؤدي الى مشكلات نفسية واجتماعية لديهن وينعكس كذلك على التكيف الاسري ، موضحة أن بعض الحالات الموجودة في المركز تعرضن للعنف من قبل أزواجهم ، وطالبت الجرجاوي الاهالي بالتريث عند رغبتهم بتزويج بناتهم الى حين بلوغهن السن القانوني لذلك ، بالاضافة الى العمل على ضمان اكمال تعليمهم المدرسي والجامعي خاصة للاسر المقتدرة ، وهو ما سيساعد على استقرار الحياة الزوجية.
وفي ندوة نظمها مركز معلومات وإعلام المرأة الفلسطينية بغزة بتاريخ 25- فبراير -2010، حول المشكلات الناجمة عن الزواج المبكر ، أوضح الباحث فوزي أبو عودة أن نسبة الزواج المبكر في فلسطين مرتفعة مقارنة بدول الجوار"، مرجعاً هذا الأمر لأسباب سياسية واجتماعية واقتصادية، وذلك على الرغم من أن قانون الأحوال الشخصية في قطاع غزة حدد سن الزواج للفتاة ب 17 عاماً والشاب 18 عاماً.
وبحسب دراسة حديثة فإن 37% من عقود الزواج في قطاع غزة، كان سن الزواج فيها أقل من 17 عاماً، وبينت الدراسة أن أهم الأسباب لهذه الظاهرة هو التسرب من المدارس والأوضاع الاقتصادية السيئة، وهو ما كرس مفهوم تخفيض تكاليف الزواج إلى الحد الأدنى ، و أثبتت الدراسة ذاتها أن 14% من حالات الزواج في قطاع غزة للفئة العمرية 14 ـ 17 سنة انتهت إلى الطلاق.
و بين التقرير الذي أصدره جهاز الإحصاء الفلسطيني عشية يوم المرأة العالمي للعام المنصرم، والذي عرض فيه أوضاع المرأة الفلسطينية في مختلف النواحي الاجتماعية أن حوالي نصف السكان من النساء، بواقع 2.2 مليون ذكر بنسبة 50.8%، مقابل - 2مليون أنثى 49.2%، من إجمالي عدد السكان المقدر بـ4.2 مليون فرد نهاية عام 2011.
وأشار التقرير إلى أن أكثر من نصف النساء الفلسطينيات بعمر 15 سنة فأكثر متزوجات، وفي المقابل هناك 3 نساء من كل 10 نساء لم يتزوجن أبدا، كما وبلغت نسبة الأرامل حوالي 6%، والمطلقات 1.3%، فيما كانت نسبة اللواتي عقدن قرانهن لأول مرة 1.8% و0.2% منفصلات.
وذكر التقرير أن 37% من النساء اللواتي سبق لهن الزواج قد تعرضن لأحد أشكال العنف من قبل أزواجهن العام الماضي، وبلغت أعلى نسبة عنف موجهة من الأزواج ضد زوجاتهم في قطاع غزة 58.1%، أدناها في محافظة رفح 23.1%..
وقالت سمر حمد أخصائية اجتماعية في المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات في حديث
" لدنيا الوطن أن النسبة العالية من حالات الطلاق في القطاع سببها الزواج المبكر ، مشيرة إلى مجموعة من الآثار النفسية والاجتماعية التي ستقع على الفتاة نتيجة الزواج المبكر ، من بينها عدم الاتزان النفسي ، وعدم الاشباع الفطري والعاطفي ، وهو ما يستوجب من الاهل مشاورة بناتهم عند اتخاذ القرار بتزويجهم، موضحة أن هناك بعض الاسر تلجأ الى الاسراع في تزويج فتياتهم للتهرب من المسئوليات العديدة والملقاة عليهم أهمها التعليم الجامعي .
وأشارت شيماء جعرور مدير تنفيذي في مركز تأهيل وتطوير المرأة الفلسطينية في حديث
" لدنيا الوطن أن الكثير من الاهالي تنظر لقضية الزواج المبكر بسهولة ، ويميلون في اختياراتهم لصالح الرأي القائل أن الفتاة مصيرها الزواج ، متناسين حقوقها المختلفة ، و ما ستعاني منه من مشكلات عديدة في بداية حياتها الزوجية .
يقول حسام الدين عفانة من الاردن في مقالة له بعنوان ( الزواج المبكر بين رؤية الدين وممارسة المجتمع ) نشرت بتاريخ 2/3/2010 أن قانون الأحوال الشخصية قد منع زواج الصغار أخذاً بالرأي الفقهي الذي يمنع ذلك واشترط بلوغ الزوجة خمسة عشرة عاماً وأما الزوج فستة عشرة عاماً وهذا السن بالنسبة للرجل والمرأة هو سن يكون كل منهما قد بلغ ويدخل سن الأهلية والتكليف ، مشيراً إلى أن الدعوة إلى تأخير الزواج هو انتقاص لأهلية الرجل والمرأة وحجر على حريتهما ، مضيفاً أن اعتبار الفتى والفتاة في سن المراهقة ولا يقوى كل منهما على أخذ القرار المناسب هي حجة واهية جوفاء لأن الفتاة تأخذ رأي وليها وتستشيره في أمورها وخصوصاً موضوع الزواج إضافة لذلك فإن المجتمع الإسلامي هو مجتمع المحبة والمؤاخاة و التناصح ، مشيراً إلى أن أولياء الأمور يستطيعون تقدير أمور الزواج المتعلقة ببناتهم فإذا وجد في ابنته القدرة على ذلك زوجها ، وإذا لم يجد فيها القدرة على ذلك لم يزوجها ، ويضيف عفانة أن البحوث العلمية والدراسات العالمية تثبت أنه لا يوجد زيادة في مضاعفات الحمل عند النساء اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين 15-19 سنة . وإن المضاعفات التي تحصل عند الحوامل أقل من 15 سنة هي نسبياً قليلة ، مستدلاً بما أثبته العالم الأمريكي Satin من “Parkland Hospital- Texas إن إيجابيات الزواج والحمل والإنجاب في سن مبكر عديدة منها : 1- الإخصاب : " إمكانية الحمل " حيث أن نسبة الخصوبة" أي الحمل خلال فترة الزواج " عند الفتيات في سن مبكر تفوق الفتيات في الأعمار الأخرى ، كما أن الأورام الحميدة والخبيثة وأورام الثدي والرحم والمبايض هي أقل عند النساء اللواتي يبدأن الحمل والإنجاب في السنين المبكرة ، مبيناً أن الشريعة الاسلامية لم تحدد سناً معيناً بالسنوات لعقد الزواج بل أجاز جمهور الفقهاء المتقدمين زواج الصغير والصغيرة أي دون البلوغ ولكن قوانين الأحوال الشخصية في البلاد الإسلامية حددت سناً للزواج فقد نصّ القانون الأردني للأحوال الشخصية في المادة الخامسة منه أنه يشترط في أهلية الزواج أن يكون الخاطب والمخطوبة عاقلين ، وأن يتم الخاطب السن السادسة عشرة وأن تتم المخطوبة الخامسة عشرة من العمر.
ونصّ قانون الأحوال الشخصية لدولة الإمارات العـربية في الفقرة الأولى من المادة عشرين على أن سن الزواج للفتى ثمانية عشر عاماً وللفتاة ستة عشر ، وأما قانون الأحوال الشخصية السوري فقد حدد سن الزواج للفتى بثمانية عشر عاماً وللفتاة بسبعة عشر عاماً وأجاز زواج الفتى بسن خمسة عشر عاماً وللفتاة بسن ثلاثة عشر عاماً بإذن القاضي وموافقة الولي . ونصّ قانون الأحوال الشخصية التونسي على أن سن الفتى عشرون عاماً والفتاة سبعة عشر عاماً. وكذلك فإن القوانين الأوروبية قد حددت سن الزواج فالقانون الفرنسي قد جعل سن الثامنة عشرة للفتى والخامسة عشر للفتاة . والقانون الألماني جعل سن الفتى إحدى وعشرين سنة والفتاة عشرين . والقانون السويسري جعل سن العشرين للفتى وسن الثامنة عشرة للفتاة . وكذلك فإن الديانات الأخرى حددت سناً للزواج ففي الشريعة اليهودية جعلت سن زواج الرجل الثالثة عشرة والمرأة الثانية عشر ، وفي القانون الروماني جعل سن زواج الرجل الرابعة عشرة للرجل والمرأة الثانية عشرة .
* الحالات المذكورة في التقرير موثقة لدى عدد من المراكز الاجتماعية الفلسطينية العاملة في قطاع غزة.