من مدينة الضباب إلى مدينة الطعام

من مدينة الضباب إلى مدينة الطعام
تاريخ النشر : 2011-06-23
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


لندن: سام سيفتون *
ذهبت إلى لندن للتعرف على المطاعم الجديدة
التي تحمل أسماء راسخة في عالم الطعام البريطاني، وهي مطاعم تساعد العاصمة
البريطانية على ترك بصمة لها على الخريطة العالمية للأماكن التي يُنصح بالذهاب
إليها لتناول الطعام. وكان مطعم الطاهي الماهر هيستون بلومنثال في فندق «ماندرين
أورينتال»، القريب من قصر باكنغهام، من بين المطاعم البارزة. افتتح المطعم، الذي
يطلق عليه «دينير»، في يناير (كانون الثاني)، ونشرت عنه مقالات كثيرة في الصحافة
البريطانية.

وبلومنثال، هو الطاهي الأصلع الجذاب ومالك مطعم «ذا فات داك»،
في غرب لندن الذي يعتبر من أروع المرجعيات في المطبخ المعاصر. وتشمل بعض المحتويات
التي يمكن أن تراها هناك داخل المطبخ الصوديوم ومسحوق نباتات بني كربوني وجوز
الهند.

ويعد «دينير» أكثر بعدا عن الشكل الرسمي، ولكنه لا يزال مرتفع الثمن،
كما أنه أقرب إلى قلب المدينة.

الطاولات من دون أغطية، ولا يوجد على الجدران
المدهونة بلون عاجي أي رسومات، إنها جدران مصنوعة من البورسلين على شكل قوالب
جلاتين. ويوجد مطبخ بجدران زجاجية وأسقف عالية تطل على أجمل مناظر حديقة «هايد
بارك» تعطي المطعم إحساسا بالرحابة.

وتعد الحجوزات داخل مطعم «دينير»،
المتخصص في الوجبات البريطانية التاريخية، من أكثر الأشياء التي يوجد إقبال عليها
داخل المدينة. (وتتكلف الوجبة التي تناسب اثنين نحو 200 دولار). ويماثل التدافع على
هذه الحجوزات التدافع على مقاعد الأوركسترا لمشاهدة مسرحية «ماتش آي دو أباوت
ناثينغ» في «ويست إند» من بطولة كاثرين تايت، وديفيد تينانت.

وبعد طلب
الحصول على حجز قبل أكثر من 6 أسابيع، كان المتاح في مطعم «دينير» هذا اليوم في
الساعة الثانية والنصف ظهرا. ولكن كان هناك حشد على الباب، وتعين الانتظار لبضع
دقائق من أجل الحصول على مائدة. وكان من الممكن رؤية الكثير والكثير من النساء
يرتدين أحذية «كريستيان لوبوتين».

ولا يوجد في قائمة طعام مطعم «دينير»
الأشياء المرحة التي نجدها في مطعم «ذا فات داك»، ولكن توجد وجبات من الطعام
البريطاني الكلاسيكي، مثل شريحة لحم مع بطاطس فرنسية تعتمد على وصفة تعود إلى عام
1826 جاءت في أحد كتب الطهي القديمة على سبيل المثال، أو طبق سمك القد مع عصير
التفاح، المأخوذ من تقرير لصحافي الطعام البريطاني الشهير أمبروز هيث. ومربى ثمار
الزهر، اعتمادا على وصفة تعود إلى القرن السادس عشر وطبق «أرز مع اللحم» وتعود
أصوله إلى كتاب طبخ استخدم في قصر الملك ريتشارد الثاني. وحلوى «بودينغ شحم
الماشية».

وربما يكون هناك القليل من المرح العصري الموجود في مطعم «ذا فات
داك»، ولا تغيب خفة الظل بشكل كامل عن مطعم «دينير». وربما يكون آشلي بالمر ويتس،
الطاهي الذي افتتح وأدار المطعم لصالح بلومنثال بعد أعوام من العمل كرئيس للطهاة
داخل «ذا فات داك»، هو من صاغ قائمة طعام «دينير» مستوحاة من النصوص القديمة. وتظهر
طريقة طبخه كل لمسات الإثارة والسخرية الخاصة بمعلمه، وتكون في بعض الأحيان بأشكال
مختلفة.

خذ على سبيل المثال «فاكهة اللحم»، هو طبق يجب البدء به مع كل وجبة
(توجد وجبة واحدة تقدم ليلا ونهارا). وطبقا لقائمة الطعام فإن أصول الطبق تعتمد على
«بارفيه كبد الدجاج» الذي يعود إلى القرن الرابع عشر. ويعد الطبق بمثابة خداع بصري
مطبخي.

ما يقدم إليك يبدو ببساطة وكأنه برتقالة على طاولة خشبية مسطحة مع
خبز مشوي. ويوجد تحت القشرة المجعدة للبرتقالة جزء داخلي عبارة عن كبد دجاج مخفوق
مع نكهة يعززها بصورة جميلة مذاق قشرة البرتقال الزاهية. ويقول نادل إن ساق النبات
الشيء الوحيد الذي لا يمكن تناوله. وكان هذا شيئا لا يصدق.

وتبع ذلك شيء
مباشر بدرجة أكبر، ولكنه ليس أقل حلاوة. كان هناك طبق سلطة «سالاماجندي» الذي يعود
للقرن الثامن عشر، وهو طبق بريطاني كلاسيكي، يقدم هنا على أنه سلطة متعددة الأصناف
مع محار الدجاج (قطع اللحم الموجودة خلف الأجنحة)، ونخاع عظام ناعم وكريم
الجرجير.

طبق الأرز واللحم المطهو مع الزبد وعليه زعفران إلى جانب قطع صغيرة
من اللحم المأخوذة من ذيل العجل، ويعد هذا مقبلا رائعا. ومن الأشياء الرائعة في
هذا، طبق سمك الماكريل المدخن والمملح، مع سلطة الليمون وزيت الزيتون وسمك الأنشوفي
مع الثوم واللبن والخبز وعصير الليمون. (وسيكون ذلك مألوفا لجميع من يثمنون كتاب
«الطبخ العملي الكامل» لتشارلز كارتر المنشور عام 1730).

وتتضمن الأطباق
الرئيسية حمامة كبيرة عليها صوص توابل وقلب الخرشوف، وهو مأخوذ من وصفة تعود إلى
عام 1777 من كتاب «مساعد السيدات ونظام الطبخ الكامل». وكانت هذه وجبة قوية ومركزة
أكدت بقوة أهمية إدراج الحمام في أي قائمة للحوم الدواجن الرائعة. وربما يحسب البعض
أنها لحم بقري كبير أو عيش غراب.

وكان هناك أيضا البط المتبل، ويذكر الاسم
بأفكار خاصة بالمطبخ الجزيئي. وفي الواقع فإنه مشتق من وصفة تعود إلى عام 1672 في
كتاب هاناه وولي «كوين لايك كلوزت»: أرجل بط مملحة ومطهوة لفترة طويلة مع شمار مدخن
وبطاطس بوريه مطهوة بالزبد الأصفر ولها نكهة رائعة.

وبالنسبة إلى الاسم،
تعلق إحدى النادلات قائلة: «هذا ما يستخدمونه لوصف العملية به». وتظهر النكهة
البريطانية المسيطرة على الطبق. وربما يمكن تناول الطبق مرتين يوميا لأسبوعين من
دون أن تشعر بالإحباط.

ولكن إذا كانت هناك حاجة للحصول على تشكيلة من
الوجبات لتتناسب مع برنامجك الغذائي، فإن لحم الخنزير يمثل الحل: شريحة لحم من
القدم الخلفية لها نكهة مميزة وعليها صوص، تقدم مع صوص المستردة البني القادم من
«كاريما» وكرنب أنيق طري.

وبالنسبة إلى الحلويات، كانت هناك قطعة من
الشوكولاته مع آيس كريم بالزنجبيل على الجانب، ويكون مع ذلك ليتشي غرانيتي مع مربى
ثمر الورد. ويبرز إلى جانب الاثنين كيك تيبسي (وهي إشارة إلى 1849)، وهو أشبه
بـ«مانكي بريد» (خبز القرود) المحشو بالكريم، الذي يقدم مع الأناناس عليه الكثير من
الكراميل.

وأكلت هذا الطبق حتى نهايته، ودفعت الفاتورة وقلت وداعا
لأصدقائي.

ولتناول وجبة عشاء جيدة وجديدة داخل لندن في وقت قريب من منتصف
الليل، يوجد مطعم في الطابق الأرضي من فندق «سانت جون» قبالة ميدان ليستر، في وسط
لندن، وبالتحديد في المدينة الصينية المزدهرة. (ولتناول وجبة الإفطار داخل لندن
الأكثر جدية، يوجد مطعم «وولزلي»، بالقرب من فندق «الريتز»، من أهم أطباقه «إيغ
بنيديكت») يوجد المطعم داخل مساحة كانت على مدار أعوام مسرحا في «ويست إند» يكثر
تردد الناس عليه وكان يعرف باسم «مانزيز»، ويقدم المطعم طعاما رائعا للغاية لحشد
صغير من السكان المحليين داخل منطقة بها الكثير من السياح.

وتظهر وجبات
غريبة، على الأقل بالنسبة إلى بريطانيا، على قائمة «باربيكوا»، وهو مشروع جديد
للطاهي جايمي أوليفر وعبقري الـ«باربيكوا» في نيويورك آدم بيري لانغ. وتقدم فيه
جميع الوجبات داخل قاعة طعام كبيرة بمركز تجاري جديد صممه جين نوفل ويمكن من داخله
مشاهد كاتدرائية سانت بولز.