احتفالات الثورة فى تونس.. ومصر!

احتفلت تونس السبت 14 يناير، بالذكرى الأولى للثورة.. احتفل الثوار مع الحكومة والبرلمان والرئاسة.. احتفلوا جميعا بخلع زين العابدين بن على الذين لم يجد مفرا من الثوار الذين خرجوا يوم الجمعة 14 يناير 2011 فى شارع الحبيب بورقيبة يهتفون «إذا الشعب يوما أراد الحياة.. فلا بد أن يستجيب القدر».. ويهتفون «بن على بره بره».. وقد خرج الثوار فى تونس إلى الشوارع والميادين أمس فى ذكرى خلع بن على.. واحتفل معهم من اختارهم الشعب فى المجلس الوطنى التأسيسى لوضع دستور جديد للبلاد ليكون خريطة الطريق للانتقال إلى دولة حديثة.. ويذكّر التونسيون حتى فى احتفالهم بالذكرى الأولى لخلع بن على بإلهامهم الثورات العربية فى الثورة ضد قوى الاستبداد والطغيان والفساد والديكتاتوريات التى عششت لسنوات طويلة فى حكم البلاد حتى تعفنت.. ويذكِّر التونسيون تلك الثوارات أن جيشهم وجد السلطة على الرصيف.. ولم يأخذها وإنما تركها للمدنيين، فهم أدرى بشؤون إدارتهم لحياتهم.. وظل الجيش التونسى حاميا للثورة.. ولم يطلب المناصب أو الامتيازات أو يطمع فى السلطة.

من هنا خرجت المظاهرات فى تونس لتأكيد ثورتهم وحمايتها واستكمالها من خلال خارطة الطريق التى أصبحت واضحة الآن، خصوصا بعد انتخابات حرة ونزيهة وشفافة للمجلس التأسيسى الذى سيضع الدستور للمرور بالفترة الانتقالية الثانية وبعدها يعود الشعب إلى صناديق الانتخابات مرة أخرى لانتخاب برلمان جديد ورئيس جديد. هذا يجعلنا دائما نقارن بين ما يحدث فى تونس وما يحدث فى مصر.. وتذكروا دائما عندما خرج مجموعة من أذناب النظام المخلوع يدّعون أن مصر ليست مثل تونس وأن زين العابدين غير حسنى مبارك.. قالوها بجليطة وبطريقة وقحة.. كأنهم يحتقرون الشعوب وأطلقوا أدلة واهية على ذلك بعد أن جاءتهم الأوامر من النظام ولجنة سياسات الحزب الوطنى الساقط والمنحل للدفاع عنه وعن شخوصه متهمين بن على بأنه فاسد وديكتاتور ومستبد فى حين أن مبارك ليس كذلك.. ويثبت الشعب المصرى فى ثورته فى 25 يناير أنه ليس أقل من تونس فقد خرج منذ اليوم الأول تحت شعار «الشعب يريد إسقاط النظام»، ونجح الشعب وثواره الشباب بإصراره فى إسقاط النظام.. فسقط رأس النظام حسنى مبارك وعصابته التى سقط على يديها أكثر من ألف شهيد وأكثر من ستة آلاف مصاب.. ويدير المجلس العسكرى شؤون البلاد.. فيفشل فشلا ذريعا ويطمع جنرالاته فى السلطة ويلتفّ حول مطالب الثورة وأهدافها.. ويبدأ جنرالات معاشات المجلس العسكرى فى تبرير الثورة ثم تشويهها وتشويه الثوار. ويعيد إنتاج مؤسسات فساد النظام المخلوع.. ويعيد رجالات النظام المخلوع فى كل المؤسسات خصوصا فى الإعلام واستخدامهم كما كانت تستخدمهم أجهزة أمن النظام السابق.. وهم الذين كانوا يرددون أن مصر ليست تونس وحسنى مبارك ليس زين العابدين بن على.. ويتم مكافأتهم بتعيينهم أعضاء فى مجالس النظام أو على رأس مؤسسات الدولة.. ويسبحون بحمد المجلس العسكرى كما كانوا يسبحون فى الصباح والمساء بالنظام المخلوع!

وقبل الاحتفالات بالذكرى الأولى للثورة.. تخرج علينا أجهزة المجلس العسكرى بالهجوم على الثوار وتخويف المواطنين من الاحتفالات قبل أن يدعو إليها أحد بحجة أن تخريبا سيجرى فى هذا اليوم ضد مصالح ومنشآت حكومية.. والله حرام عليكم! فخلال الـ18 يوما للثورة.. كان هناك انفلات أمنى متعمَّد لم يحاسَب عليه أحد حتى الآن ولم يكن هناك أى أمن على أى مصالح ومنشآت حكومية.. وحتى المصالح الغربية والسفارات الأجنبية قد انسحب من زمامها الأمن بشكل غريب ومريب.. ومع هذا حافظ الشعب والثوار على تلك المصالح.. ولم يتعرض أى منها لهجوم أو تخريب.. ولم يكتفِ جنرالات العسكرى بذلك وإنما اتهموا ثوارا من أشرف الناس فى مصر بالتحريض وإيهام الشعب بالثورة (!) فى لعبة مكشوفة لجعل احتفال الذكرى الأولى للثورة.. مهرجانا كشفيًّا كما كشف عنه الجنرال إسماعيل عتمان الذى يدير الإعلام حاليا على طريقة صفوت الشريف وأنس الفقى.. وبطريقة أقل موهبة لظهوره «فى المقدر جديد»!

ولا ينسى الشعب ما حدث فى كنيسة القديسين فى احتفالات عيد الميلاد قبل الماضى وكان مدبَّرا من أجهزة النظام.. وبنفس الأسلوب وبطريقة أكثر رداءة يتعامل الذين يديرون البلاد ويحكمونها فى الاحتفال بذكرى الثورة..

إنهم يريدون وأد الثورة ودفنها.. وقراءة الفاتحة عليها.