حوار بين صديقين..

بينما نحن جالسين أنا وزميلي نشاهد نشرة الأخبار على قناة الجزيرة، مَللنا من متابعة خبر حجّ وزير الدفاع الأمريكي المتكرّر للمنطقة، بهدف إقناع دولها بدعم التوجّه الأمريكي لفرض عقوبات صارمة على إيران، بسبب إصرارها على مواصلة تسلّحها النووي.

قام زميلي بتحويل الشاشة إلى قناة ثانية، علّنا نتابع أخباراً أخرى، وإذا بأغلب القنوات الإخبارية مازالت تناقش وتحلل زيارة غيتس للسعودية والإمارات، لتحقيق ضغط نفطي قادر على الدفع بالصين للمشاركة في أي عقوبات قد تفرض على الجانب الإيراني.

زميلي خرج عن طوره، وقال لي: خيراً ما يحدث، فخطر إيران على المنطقة أكبر من الخطر الأمريكي عليها.

قلت له: كيف تقول هذا الكلام، وأنت تتحدّث عن الخُبث الأمريكي الذي يُمارس الاحتلال الناعم للقرار السياسي في جميع دول المنطقة إلا ما رحم ربي.

رد زميلي: لو أعدت بصرك كرّتين، لما قلت هذا الكلام. سألته كيف: قال لي: إنّ الخطر الأمريكي على دول المنطقة معروف، هضمته الشّعوب قبل الأنظمة الحاكمة، فالنّفط وحماية الأمن الصهيوني، هي منبع كلّ السياسات الغربية ضد دول الهلال الإسلامي. فقاطعته: كلامك صحيح، لكنّك تتحدّث عن إيران، وهي دولة إسلامية كبيرة من منظومة ذلك الهلال الذي تتحدّث عنه.

قال نعم، لكن هل لي أن أضيف شيئاً؟ قلت له تفضّل، فقال لي: في العام 1974، وبعد التجربة الهندية النووية الأولى، صدَر كتاب في الولايات المتحدّة الأمريكية بعنوان “القنبلة الإسلامية” لمؤلفيه الأمريكيين ستيف وايزمان وهربرت كروزوني، ومنذ ذلك الحين دأب الإعلام الغربي على استخدام ذلك المصطلح في تحليلاته ونقاشاته، بغية الضغط على باكستان للتخلي عن برنامجها النووي، لكنّها لم تفلح، حيث نجح عبالقادر خان في إخراج المشروع النووي الباكستاني إلى الوجود في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي، حينها كان الجميع ينظر إلى ذلك المشروع النووي بصفته إسلامياً، حيث حقّق توازن الرعب مع الجارة الهندية من جهة، ومع الكيان الصهيوني من جهة أخرى.

لكن هل لك أن تُخبرني، لماذا العرب والمسلمين أنفسهم الآن متردّدين من دعم النووي الإيراني، بالرغم من أنّ إيران دولة إسلامية؟ قلت له أكمل: قال لي إن الجميع يخشى من إيران النووية المذهبية، فالقنبلة النووية الإيرانية هي في سبيل حماية المذهب قبل الدين.

قلت له: أنت متحامل كثيراً، فإيران تسعى للوحدة مع الدول الإسلامية، قاطعني وهو يضحك: بالفعل ولذلك رفضت تغيير مسمّى “الخليج الفارسي” من على ميداليات بطولة التضامن الإسلامي، ما تسبّب بإلغاء البطولة، ثمّ تبعتها بتهديد خطوط الطيران بعدم الهبوط في إيران ما لم تستخدم الخليج الفارسي وليس العربي.

ليس ذلك فحسب: فمشكلة إيران أنّها مستعدة لأن تخرج بعشرة أوجه سياسياً، ومن دون أن تخجل. فهي تخاطب دول الخليج عن الخطر الأمريكي الذي يريد تكريس احتلال ناعم على دول المنطقة، في نفس الوقت الذي تحتلّ فيه فعلياً ثلاث جزر إماراتية، وترفض رفع القضيّة لمحاكم العدل الدولية.

ويواصل صاحبي: أنت تتحدّث عن الهلال الإسلامي ولم تتحدّث عن الهلال الإيماني الخاصّ بدولة الثورة الإسلامية، التي لم تفلح محاولتها في التفريق بين الناس، هذا مؤمن والآخر ليس كذلك، وهو نفس المصطلح الذي تستخدمه الحركات السياسية لدينا في الخليج، والتي تحمل نفس مبادئ الثورة الإسلامية.

حوار رائع
يعطيك العافية ي السوري