[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يظل الرئيس السابق حسني مبارك محط الأنظار حتى بعد الإعلان عن وفاته الإكلينيكية، وبات السؤال الحائر الآن هل تقام لمبارك جنازة عسكرية أم مدنية.
ومثلما كانت حياته سببا فى انقسام الآراء فى فترة حكمه الممتدة لنحو 3 عقود، ووصولا إلى محاكمته، وتأتى أنباء وفاته لتثير الجدل حول جنازته فهناك فريقان؛ الأول يترأسه فريد الديب محامى الرئيس السابق والذى يؤكد أن مبارك لم يفقد رتبته العسكرية كفريق، وبالتالى يحق له جنازة عسكرية.
وبحسب الديب أيضا فإن الرئيس الراحل أنور السادات، كان قد أصدر قانوناً رقم 35 لسنة 1979 قال عنه الديب إنه جاء لتكريم قادة القوات المسلحة الذين شاركوا في حرب أكتوبر 1973، والاستفادة من خبراتهم النادرة، وأن المادة 2 من القانون تقول إن ضباط القوات المسلحة يستمرون مدى الحياة في الخدمة العسكرية، وإذا اقتضت الضرورة تعيينهم في الهيئات المدنية مثلما حدث مع الرئيس السابق – حال انتهاء خدمته – يعود مرة أخري لرتبته العسكرية، وبالتالى فإن من حق مبارك جنازة عسكرية.
ولم يعترف الديب بأثر الحكم بالسجن المؤبد على مبارك فى حرمانه من رتبته العسكرية أو الأنواط والنياشين التى حصل عليها فى حياته العسكرية، بل إن الأنباء عن تأثير هذه الأخبار على مبارك نفسه كان كبيرا ومحزنا جدا، و قال "إلا تاريخى العسكرى، لا يمكن أن يأخذوه منى"، لذلك كان إصراره على النقل لمستشفى عسكرى، وأن يموت فيها، وألا يكتب التاريخ له أنه توفى فى مستشفى السجن.
وهناك فريق قانونى ينضم لهذا التيار ويرى أنه بالوفاة تنقضى الدعوى ضد أى فرد وبالتالى يصبح الحكم كأن لم يكن وتنعدم آثاره.
ومن الفريق الآخر، من يرى أن محاكمة مبارك التى شغلت الرأى العام لشهور طويلة، وأطلق عليها "محاكمة القرن"، تسببت فى محو تاريخ مبارك العسكرى، ويقول اللواء منير رمضان المحامى بالنقض، إنه طبقا لنص المادة 123 من قانون القضاء العسكرى، فإنه تلحق بالحكم الصادر ضد المتهم عقوبة تبعية لاينص عليها منطوق الحكم تتمثل فى:
"الطرد من الخدمة فى القوات المسلحة بالنسبة للضباط فى الخدمة، وحرمان المحكوم عليه من التحلى بأى رتبة أو نيشان، وهو المتوقع أن يطبق على الرئيس السابق بسبب إدانته، حيث يتم حرمانه من التحلى بالرتبة (رتبة فريق) مع حرمانه من كل الحقوق والمزايا التى تقرر لهذه الرتبة". وبالتالى منها الجنازة العسكرية.
ويشير اللواء منير إلى نص الفقرة الثانية من المادة 25 من قانون العقوبات، والتي تنص على الحرمان من الصفة العسكرية، والتحلى بالرتب والنياشين لكل من تتم إدانته فى "جناية"، وبالتالى بحسب هذا الفريق فإن مبارك سيحرم من الجنازة العسكرية التي حظي بها كل من الرئيسين الراحلين أنور السادات، وجمال عبد الناصر، واللذين حظيا بجنازة عسكرية وشعبية مهيبة.
لكن حتى هذا الرأى كان له رد عند اللواء سيد هاشم المدعى العسكرى الأسبق، الذى رأى أن الحكم لم يكن باتا ولا نهائيا، وبالتالى لا تطبق عقوبة الحرمان من الرتب والنياشين ولا يحرم من حقه فى جنازة عسكرية.
ورفض مصدر مسئول الحديث عن طبيعة جنازة مبارك، وهل تصبح عسكرية رسمية كرئيس سابق لمصر لفترة استمرت نحو 30 عاما، وضابط فى القوات المسلحة، وصل إلى أعلى الرتب العسكرية، أم يتم دفنه بمراسم عائلية بسيطة، بعد أن أطاحت به ثورة ضخمة أنهت حياته بلقب الرئيس السابق والسجين السابق.
وفى النهاية بات واضحا أن الجدل القانونى ليس من سيحسم القرار، بل القرار السياسى للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى ترأسه مبارك لثلاثين عاما، وهل ستتم مراعاة حالة الشارع المصرى الملتهبة، والتى تعانى آثار الانقسام فى تقديرها للماضى والمستقبل، وربما لا تتقبل أن يقام لرئيس قامت ثورة ضده أن تقام له جنازة عسكرية، أم يغلب القرار الإنسانى على المشاعر تجاه قائد عسكرى توفى بعد أن حاكمه شعبه وأدانه وأصبح فى ذمة الله، إذا تأكدت وفاته.