جينا نجيب الريحانى
اختفيت 70 عاماً لأن زوجي المصري كان يغار علي ولم أظهر إلا بعد وفاته > أمي كانت راقصة فرنسية أحبها والدي ولقبت بـ«دلوعة الريحاني» .. وبديعة مصابني عرضت عليه شيكاً بـ2000 جنيه حتي يطلقها > كان سيشهر إسلامه قبل وفاته وبديع خيري سأل شيخ الأزهر وقتها فقال له: «يعتبر مسلم»
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] جينا مع والدها الريحاني
ظهرت جينا فجأة.. بعد 70 عاماً من رحيل نجيب الريحاني لتقول إنها ابنته.. سيدة ألمانية شقراء أوروبية الملامح تتحدث لغة عربية ضعيفة ضائعة الأحرف.. قد تشك لأول وهلة أنها ابنة الريحاني فعلاً.. ولكن بمجرد أن تتحدث إليها تتأكد أنها ابنته.
وقد كشفت لنا جينا في حوارها عن جوانب خفية في شخصية والدها.. وتفاصيل جديدة تنشرها لأول مرة في ذكري وفاته التي يمر عليها اليوم 61 عاماً.
فقد تحدثت عن علاقة الريحاني بوالدتها الراقصة الفرنسية.. وعن تعدد علاقاته النسائية.. وخوفه الدائم من بديعة مصابني.. وتفاصيل وفاته.. وحتي حقيقة إشهاره الإسلام.
التقينا جينا في منزل الفنان التشكيلي حمدي الكيال بالإسكندرية.. والذي كشف لنا بدوره عن تفاصيل استقاها من رفيق كفاحه «بديع خيري» وقرأ لنا آخر جملة كتبها الريحاني يرثي بها نفسه قبل وفاته.. قال فيها: «مات نجيب الريحاني.. في ستين سلامة».
> اختفيت 70 عاماً.. ثم ظهرت فجأة لتعلني أنك ابنة نجيب الريحاني.. أين كنت طوال هذه السنوات؟
ـ كنت متجوزة راجل صعيدي من عيلة محافظة جداً.. وكان بيغير علي لأقصي درجة.. كان منعني أكلم حد أو حد يكلمني أو يتصل بيا.. ورفض أني أقول إنني بنت نجيب الريحاني عشان محدش يكلمني.. كان عايزني أقعد في البيت.. قاللي «يا ولية أقعدي في البيت» «تاهت منها معظم الحروف وهي تنطق تلك الجملة»، ولأني كنت بحبه جداً فكنت بسمع كلامه وما أقدرش أزعله.. وكان عاجبني إنه مش عايز حد في الدنيا يشوفني غيره.. كان راجل صعيدي أوي.. وأنا كان عاجبني النظام ده.. فلم أخبر أحداً أني بنت نجيب الريحاني.. فقد تزوجت منذ أن حضرت إلي مصر وعمري 21 سنة سنة 1958 ولم أعرف سوي زوجي وأولادي.. ولم أفصح عن شخصيتي إلا بعد وفاة زوجي.
> كيف تعرف نجيب الريحاني علي والدتك لوسي دي فرناي؟ وكيف كانت العلاقة بينهما؟
ـ لوسي كانت راقصة فرنسية ضمن فرقة تجوب العالم، حضرت إلي مصر سنة 1917 وكان عمرها 17 سنة، وتعلقت بالريحاني واتعلق بها حتي لقبت بـ«دلوعة الريحاني» وكانت مثار غيرة باقي أفراد الفرقة وبابا أخدلها شقة في مصر الجديدة وعاش معاها 3 سنين.. لحد ما ضبطته بيخونها مع أنصاف أخت فاطمة رشدي.. ورغم أنها لم تكن المرة الأولي اللي بيخونها فيها لكنها لم تحتمل أكتر من كدة بسبب خياناته المتكررة لها مع النساء. فعادت للبيت وكتبت له جواب وأخدت هدومها وعادت إلي فرنسا ولم تعد مرة أخري.. وماقدرش بابا يرجعها.. في الوقت ده سنة 1920 جت بديعة مصابني من سوريا، وكانت راقصة شهيرة هناك.. ووقعت في غرام بابا واتجوزته سنة 1924.. وكانت ماما وقتها اتجوزت واحد ألماني في فرنسا، لكن اتطلقت منه بعد 4 سنين.. وبعد 16 سنة.. وعندما كان بابا في فرنسا للتحضير لفيلم اسمه «ياقوت في باريس» قابل ماما صدفة في كازينو الأوبرا.. ولم يفترقا بعدها.. وجئت أنا إلي الدنيا في هذا العام سنة 1937 بعد ما بابا قعد مع ماما 3 شهور في فرنسا ثم تركها وعاد إلي مصر.. وبعدها كنا نحضر إليه في مصر أسبوعين في السنة أو يأتي هو إلينا شهرين في الشتا.
> ولماذا لم تعش لوسي مع الريحاني في مصر هي وابنته؟
ـ لإنه في الوقت ده كان متجوز بديعة مصابني.. ولو عرفت إنه اتجوز عليها في فرنسا هتعمل له فضيحة.. وفي مصر مفيش طلاق بين المسيحيين.. فكان بيقابل ماما في السر حتي لا تعرف بديعة بعلاقته بها...
> كيف يخشي الريحاني إعلان زواجه من لوسي خوفاً من بديعة مصابني، وقد كان علي وشك الزواج من فيكتورين اللبنانية قبل وفاته؟
ـ كان موضوعه مع ماما خلص لإنها ماكانش عاجبها الحال، وكانوا بيتخانقوا كتير لإنها لما بتيجي مصر كان لا يهتم بها ودايماً مش فاضي.. وكان سايبها لوحدها.. قالت له أنا باجي مصر ليه لو إنت مش فاضي.. وأخدتني وعدنا إلي فرنسا في كريسماس 1948 وتوفي هو بعدها بـ 6 شهور.. لكن لما ماما سابته ومشيت عرف هو فيكتورين اللبنانية.. كانت بتاخد بالها منه وبتهتم بيه.. لكنها كان سيدة قبيحة جداً وبدينة.. مش عارفة بابا كان حصل لذوقه في الستات إيه وقتها.. مع إنه طول عمره بيحب الستات الحلوة.
< ولماذا لم يخش بديعة هذه المرة؟
ـ كانت علاقته ببديعة وصلت لأسوأ مراحلها.. لإنها كانت متعددة العلاقات بالرجال وقت جوازها منه.. وكانت دايماً قاعدة في العوامة بتاعتها وسايباه.. وفي يوم جات له بديعة وعرضت عليه 2000 جنيه عشان يطلقها.. فقطع الشيك ورماه في وشها.. وده علي فكرة نفس المشهد اللي عمله بعد كده في فيلم «لعبة الست» مع تحية كاريوكا.
> ماذا حكت لك والدتك عن نجيب الريحاني؟
ـ رغم خياناته المتكررة لها.. لكن عمرها ما قالت لي عنه كلمة وحشة.. عمرها ما اشتكيت لي منه.. بالعكس.. كانت دايماً تشتكي له مني لإني مش بسمع الكلام.. وكانت دايماً تقوله لازم البنت تشوف أبوها.. وهو يقولها يعني أعمل إيه.. كانوا بيتخانقوا كتير.
> كيف كان أول لقاء لك بنجيب الريحاني؟
ـ أول مرة شوفته كان عندي 8 سنين.. هو شافني لما كان عمري سنتين وبعدين ماما سافرت ألمانيا، وقامت الحرب العالمية الثانية وأغلقت ألمانيا طوال الحرب ولم نره من سنة 1939 حتي 1945.. كان وقتها عمري 8 سنين لما ماما قالت لي في يوم إلبسي كويس.. فيه شخص مهم جاي.. مافهمتش وقتها ليه ماما عايزاني أقعد مع الضيوف.. رغم إن الصغيرين ماكانش مسموح لهم يقعدوا مع الكبار.. لقيت راجل عجوز قدامي وماما قالت لي ده أبوكي.. اتصدمت وقتها لإني كنت فاكرة بابا راجل شكله حلو وبشرته بيضا وعنيه زرقا.. لقيته راجل عجوز وأسمر وشكله مش حلو.. ماكنتش مبسوطة بيه في الأول.. وهو عمل حاجات كتير عشان يخليني آخد عليه وأحبه.. وفضلت أنا زعلانه لإني كنت عايزة بابا شكله حلو وماما جابت لي بابا شكله مش حلو.. ومع الوقت حبيته أكتر من أي شيء تاني في حياتي.. لإني كنت مفتقدة وجود أب في حياتي.. وكان نفسي أقول كلمة «بابا».
> ماذا تتذكرين من نجيب الريحاني؟
ـ كان دمه خفيف جداً.. وصوته واطي وعمري ما سمعته بيزعق.. كان بيكلمني فرنساوي لإني ماكنتش أعرف عربي.. وماكانش بيحب إني ألعب في الشارع.. وكان دايماً ينام متأخر ويقوم متأخر.. ولما يكون بيشتغل في مكتبه محدش يقدر يدخل عليه أبداً.. وكان بيحب ساندوتشات الجبنة والروزبيف.. وكان بيموت في الحنطور وبيسيب عربيته ويتحرك في مصر بالحنطور لدرجة إنه كان بينام فيه.. وكان دايماً بيفسحني بالحنطور.. ولما كنت مش بسمع الكلام ماكانش بيزعق لي.. كان بيناقشني.. وكان بيضحكني، لكن للأسف ماعشتش معاه كتير.. عشت معاه 3 سنين بس ومات وأنا عمري 11 سنة.
> كيف كانت شخصيته؟
ـ هي نفسها شخصيته في فيلم «لعبة الست» مع تحية كاريوكا.. هو ده بابا بالضبط.. عشان كده أنا بحب الفيلم ده أوي.
> ماذا عن حقيقة وفاته بحقنة عن طريق الخطأ بالمستشفي اليوناني؟
- لأ بابا لم يتوف بحقنة غلط.. بابا توفي من دواء جديد «أقراص» جابوهاله من أمريكا عشان كان عنده حمي تيفودية.. مكرم عبيد جاب له الرواده بالطيارة من أمريكا.. وحمام السواق «لاحظ أن سواق الريحاني كان اسمه حمام وهو نفس اسم الريحاني في فيلم غزل البنات» راح المطار عشان يجيبه.. ووصل المستشفي وقت الظهر.. كان الأطباء في راحة.. الممرضة اديت له قرصين مرة واحدة.. فجاله حساسية ومات.
> ماذا تملكين من متعلقاته؟
- حاجاته اللي في مصر اتباعت في المزاد سنة 1961.. ابن عمي يوسف عمل عليها مزاد وباع كل مقتنياته عشان يدفع 200 جنيه للضرايب كانت محجوزة علي بابا قبل وفاته.. أكيد ماكانش عارف قيمة الحاجات دي عشان كده فرط فيها.. وجاجاته اللي كانت عندنا في فرنسا اتحرقت في الحرب لما كنا في ألمانيا.. ولم يتبق لدي من حاجياته سوي نيجاتيف فيلم «ياقوت في باريس» اللي مثله في فرنسا بالكامل وشالته الرقابة من دور العرض في مصر سنة 1934 بعد يوم واحد من عرضه بسبب ملابس الممثلين فيه.
> لماذا تزوجت من مصري؟
- سنة 1957 جيت مصر ضمن معرض تشارك فيه الشركة الألمانية اللي كنت بأعمل فيها.. كان عندي 20 سنة.. وبعدين حسيت إنني لازم أعيش في مصر.. لإن فيها أغلي حاجة عندي في الدنيا.. بابا.. ووالدتي رفضت بشدة.. لكن أصريت وجيت مصر تاني سنة 1958 وأصريت إنني أعيش هنا جنب بابا.. كنت بزور قبره باستمرار.. لحد ما قابلت جوزي.. راجل مصري صعيدي من أبوتيك.. حبيته واتجوزته وحبسني في البيت.. وكنت سعيدة بالنظام الجديد اللي فرضه علي حياتي.. وكنت بحبه أوي «رفضت الحديث بشكل قاطع عن أي معلومات عن زوجها».
> كيف يختلف الرجل المصري عن الرجل الألماني؟
- «فاجأتني» الألمان دمهم تقيل.. أنا صحيح ألمانية واتولدت في ألمانيا.. لكن دمي خفيف زي بابا.. وأنا بحب المصريين لإن دمهم خفيف وعندهم بساطة في التعامل وعايشين بالبركة ومواعيدهم مش مضبوطة ومش واخدين الحياة جد.. لكن إحنا في ألمانيا كل حاجة بحساب.. حاجة تخنق.. وأنا بحب بساطة المصريين ولا أحب الألمان.
> ولكنك ألمانية؟
- تحدثت كما تتحدث أي سيدة من أعماق صعيد مصر لكن بلغة عربية ضعيفة قائلة باستنكار شديد وصوت عال وخفة ظل ريحانية: لأ.. أنا مش ألمانية.. أنا مصرية صعيدية من غنايم.. من أبوتيك.. وكان أبويا بيقفل عليا الدار عشان كده طلعت بيضا.. «ثم ضحكت».
> ماذا تنتظرين من الدولة تقديراً للريحاني؟
- يتعمل له تمثال زي ما الدولة عملت تماثيل لأم كلثوم وعبدالوهاب.. هو الريحاني شوية.. «ثم بدأت تفكر في مكان مناسب لوضع التمثال به وقالت»: جنينة الأزهر هي أفضل مكان لوضع تمثال للريحاني.
> ولماذا جنينة الأزهر؟
- «بلهجة جادة وخفة ظل ريحانية صميمة» لإنهم لو حطوه في الشارع هيتوسخ وييجي عليه تراب.. وفي مصر مش بيشيلوا التراب من علي التماثيل.. وبابا مش بتاع البهدلة دي.. لأ بابا غير كده خالص.. ولو حطوه مثلاً في الأوبرا هيشوفه كام واحد يعني.. بابا لازم الناس كلها تشوفه.. أنا عايزة مكان زحمة.. وحديقة الأزهر هي أفضل مكان لإنها زحمة وكلها أزهار.. وبابا بيحب كده.
> هل صحيح أن الريحاني أشهر إسلامه قبل وفاته؟
- بابا قرأ كل الأديان.. القرآن والإنجيل والتوراة.. والرب واحد وهنا يتدخل حمدي الكيال في الحوار ناقلاً عن بديع خيري - رفيق كفاح الريحاني - ما قاله للكيال حول ذلك قائلا: «بديع خيري قاللي إن الريحاني كان سيشهر إسلامه قبل وفاته.. فقد قرأ جميع الكتب السماوية وقرر أن يشهر إسلامه.. ووجدت نسخة من القرآن علي المنضدة المجاورة لسريره في المستشفي قبل وفاته.. وبديع خيري، قال: إنه سأل شيخ الأزهر وقتها عن موقف الريحاني فقال له إنه يعتبر مات مسلم».
أثناء حوارنا مع ابنة الريحاني أظهر الفنان التشكيلي حمدي الكيال نسخة من رثاء كان نجيب الريحاني قد كتبه بخط يده قبل 15 يوم من وفاته.. وكأنه كان يعلم أنه سيموت.. حيث قال الريحاني في رثاء نفسه بتاريخ 24/5/1949: «مات نجيب.. مات الرجل الذي اشتكي منه طوب الأرض وطوب السماء.. هذا إن كان للسماء طوب.. مات نجيب الذي لا يعجبه العجب.. ولا الصيام في رجب.. مات الرجل الذي لا يعرف إلا الصراحة في زمن النفاق.. ولم يعرف إلا البحبوحة في زمن البخل والشح.. مات الريحاني.. في ستين سلامة..