ترحيل الصعايدة من منتجعات سياحية بمصر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] أرغمت السلطات المصرية
عددًا كبيرًا من العمال الصعايدة على مغادرة المناطق السياحية بمحافظتي البحر
الأحمر وجنوب سيناء وفرضت إجراءات أمنية صارمة على انتقال مواطني محافظات الوجه
القبلي (الصعيد) لهذا المناطق على خلفية تفجيرات مدينة شرم الشيخ يوم السبت
23-7-2005.
وفيما اعتبره كاتب صحفي من الصعيد "سياسة أمنية ضيقة الأفق تعارض
الدستور المصري"، رحلت السلطات عددًا من المواطنين خصوصًا إلى قنا (600 كم جنوب
القاهرة) ومدينة الأقصر (650 كم جنوب القاهرة)، ومنعتهم من الالتحاق بأعمالهم
باستثناء بعض العمال الذين يحملون تصاريح صادرة من أجهزة مباحث أمن الدولة (جهاز
المخابرات الداخلية) التابعين لها.
ومن لا يحمل هذه التصاريح يتم القبض عليه
أو منعه من المرور، عبر الكمائن التي أقامتها أجهزة الأمن لهذا الغرض في منطقتي
الزعفرانة وقرية النصر وعلى الطرق الرئيسية التي تربط بين محافظة البحر الأحمر
وباقي محافظات الصعيد والدلتا والسويس.
وأدت هذه الإجراءات إلى تنامي
الإحساس بالظلم لدى المرحّلين، خاصة أن أغلبهم من محدودي الدخل، وحرمانهم من الوصول
إلى هذه الإعمال يعني تحويلهم إلى الوقوف في طابور طويل من العاطلين، وانضمامهم إلى
صفوف البطالة التي تشكل أكبر عبء اقتصادي واجتماعي تعاني منه الكثير من الأسر
المصرية.
شهادات المرحلين
ونشرت صحيفة "المصري اليوم" المستقلة يوم
الأربعاء 10-8-2005 شهادات لعدد من المواطنين الذين تم ترحيلهم إلى محافظات الوجه
القبلي. وقال إبراهيم محمود من نجع حمادي (60 كم شمالي مدينة قنا): "كنت أعمل في
أحد المطاعم، وفجأة وجدت نفسي بعد انتهاء العمل بين أيدي الشرطة ومعي المئات غيري
تم ضبطنا في أحد الكمائن، وأجبرونا على إغلاق التليفونات المحمولة، وتم ترحيلنا في
سيارات الأمن المركزي وتسليمنا إلى أجهزة الأمن في محافظة قنا".
ويكمل أحمد
تهامي الذي يعمل بالسياحة: "مصدر رزقنا الوحيد هو العمل في المنشآت السياحية
بالغردقة وسفاجا ونطالب المسئولين بالنظر إلى ظروفنا بعين الرأفة؛ لأننا نفتح
بيوتًا وجميعنا يحب مصر ويكره الإرهاب الذي تسبب في قطع أرزاق
الكثيرين".
وحول تصعيد الأمر إلى الجهات الرسمية فقد أثار الأهالي هذه
المشكلة مع رئيس مدينة الأقصر اللواء سمير فرج فوعد بالبحث عن حلول لها مع محافظ
البحر الأحمر والجهات الأمنية.
لكن المشكلة ما زالت قائمة وتواصلت شكوى
العمال من الترحيل الإجباري الذي حرم الكثير من الشباب الحصول على مستحقاتهم لدى
أصحاب العمل.
وتعطلت الكثير من المنشآت والمطاعم، وتجمدت عمليات البناء في
كل من الغردقة وسفاجا، حيث كانت تقوم على سواعد القادمين من محافظات ومدن صعيد
مصر.
وعندما تعالت أصوات أصحاب هذه المنشآت بالشكوى، لاستثناء العمالة
الضرورية من قرار الترحيل، استجابت أجهزة الأمن لمطالبهم بشرط تسجيل كل العمال
المطلوب بقاؤهم وعمل بطاقات أمنية لإبرازها في الوقت المناسب خلال عمليات التفتيش
المفاجأة.
غير دستوري
ومن جانبه علق الكاتب الصحفي أحمد طه النقر على
هذه الإجراءات اليوم الخميس 11-8-2005 قائلاً: "هذه سياسة أمنية ضيقة الأفق، تتعارض
مع الدستور المصري الذي يكفل للمواطن حرية العمل والإقامة والتنقل في كل مكان على
أرض مصر".
وحول التأثيرات السلبية لمثل هذه الإجراءات قال النقر لـ"إسلام
أون لاين.نت": "هذه الإستراتيجية الأمنية فرضت ظلها على كافة خطط التنمية في مصر
طوال 30 عامًا متواصلة، وكانت نتيجتها الفشل في وقف الإرهاب الذي ظهر في كل من طابا
وشرم الشيخ بالرغم من كل هذه القيود والتضييق".
نموذج القصب
وتوقع
النقر وهو من محافظة سوهاج (420 كم جنوب القاهرة)، الفشل لهذه الإجراءات في "التصدي
للأعمال الإرهابية في مصر كما حدث في الصعيد أيضًا مع زراعة القصب التي حرمتها
الدولة ومنعت زراعته على بعد 2كم من الطرق الرئيسية فكانت النتيجة أن تزايد فقر
المزارعين البسطاء، ولم يقف الإرهاب".
وحذر أن "ترحيل المواطنين وإساءة
معاملتهم وحرمانهم من حق العمل والكسب الحلال يضاعف من حالة الاحتقان ويوفر التربة
الخصبة وضم جيش جديد إلى الإرهابيين، خصوصًا أن الظروف الاقتصادية الحالية لا تتحمل
المزيد من فرض المعاناة على آلاف الشباب الباحث عن أي فرصة عمل يفتح بها بيوتًا
وتعيش عليها مئات الأسر".
وطالب النقر الحكومة وأجهزة الأمن بأن تواجه مثل
هذه الظواهر بمزيد من الانفتاح والديمقراطية والعدالة، إذا كانت ترغب حقيقة في
محاصرة ظاهرة الإرهاب.
وتعتمد السياحة في مصر بشكل أساسي على سياحة
المنتجعات المنتشرة على ساحل البحر الأحمر مثل شرم الشيخ والغردقة وسفاجا والعين
السخنة، بالإضافة إلى سياحة الآثار المتركزة بالقاهرة والأقصر وأسوان.
وتشير
البيانات الرسمية إلى أن عدد سكان محافظة البحر الأحمر يقدر بحوالي 205 آلاف نسمة،
بينما عدد عمال التراحيل (العمالة المؤقتة) بمدينة الغردقة (عاصمة المحافظة) وحدها
يصل 15 ألف عامل، وأن عدد عمال المطاعم والمنشآت السياحية بها يقدر بنحو 40 ألف
عامل، وأن عدد المنشآت السياحية في الغردقة 205 منشآت، ويبلغ عدد الغرف السياحية
بها 41 ألف غرفة، ووصل عدد السياح المترددين عليها 145 ألف سائح خلال العام الحالي
حتى يوليو 2005.
وفي عام 2004 حقق قطاع السياحة أعلى عائد في تاريخ السياحة
المصرية؛ حيث بلغ إجمالي السياح الذين زاروا مصر أكثر من 8 ملايين سائح، ووصل
إجمالي إيرادات الخزانة المصرية من قطاع السياحة 6.6 مليارات دولار، بنسبة زيادة
34.1%، مقابل 6 ملايين و44 ألف سائح عام 2003.
لكن حركة السياحة في مصر
تعرضت لانتكاسة خاصة في شرم الشيخ بعد التفجيرات التي ضربت المدينة وأسفرت عن مقتل
64 شخصًا بحسب الرواية الرسمية و88 شخصًا بحسب مصادر طبية.