[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] في الوقت الحالي تشق كميات كبيرة من الأسلحة القادمة من ليبيا طريقها عبر الحدود المصرية، لتغرق الأسواق السوداء في شبه جزيرة سيناء التي تشهد بعض اضطرابات، وذلك وفقا لما ذكره مسؤولون حاليون وسابقون في القوات المسلحة المصرية وتجار أسلحة في سيناء. وقال مسؤول عسكري في القاهرة إن قوات الأمن المصرية قد ضبطت عددا من صواريخ «أرض - جو»، معظمها من النوع الذي يطلق من على الكتف، على الطريق الموصل إلى سيناء وفي أنفاق تهريب تربط مصر بقطاع غزة، وذلك في الفترة التي أعقبت سقوط معمر القذافي في ليبيا في شهر أغسطس (آب).. كما قال تجار الأسلحة إن الأسلحة المتوفرة في السوق السوداء في سيناء تشمل صواريخ ومدافع مضادة للطائرات.
وقد جددت هذه المضبوطات مخاوف بشأن درجة التأمين المتوفرة على طول منطقة الحدود الحساسة مع قطاع غزة وإسرائيل، خاصة في هذا الوقت الذي تجتاح فيه الاضطرابات المنطقة، حيث من الممكن أن يشكل وجود صواريخ مضادة للطائرات تطلق من على الكتف في ترسانات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة زيادة ملموسة إلى حد كبير في حجم التهديد الذي تتعرض له إسرائيل، التي تقوم طائرات الهليكوبتر الخاصة بها بالطيران في دوريات منتظمة فوق القطاع، الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية حماس.
وقال سامح سيف اليزل، وهو لواء متقاعد في الاستخبارات العسكرية المصرية، إنه تم ضبط عدد من صواريخ «أرض - جو» على الطريق الصحراوي الذي يمتد من ليبيا إلى مدينة الإسكندرية المصرية وشمالا إلى غزة. وأضاف قائلا: «نحن لا نريد أن نرى مصر تتحول إلى ممر لتهريب الأسلحة، ونحن نعتقد أن بعض الفصائل الفلسطينية قد عقدوا صفقة مع الليبيين للحصول على أسلحة خاصة، مثل صواريخ (أرض - جو) تطلق من على الكتف».
وقد تنامت المخاوف في مصر بشأن الحالة الأمنية في سيناء، كما تنامت أيضا بين المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين، الذين دعوا مصر إلى بذل المزيد من الجهد لحماية المنطقة الحساسة التي تقع على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل. ويذكر أن مسلحين قاموا بتفجير خط الأنابيب الذي يمد إسرائيل بالغاز الطبيعي سبع مرات في الأشهر التي تلت اندلاع ثورة 25 يناير (كانون الثاني) في مصر، كما أسفر هجوم شنه مجموعة من المسلحين عبر الحدود في أغسطس عن مصرع ثمانية مدنيين إسرائيليين، وأدى إلى قيام إسرائيل بهجمة مضادة قتلت فيها ستة من أفراد القوات المصرية، من بينهم ثلاثة توفوا لاحقا متأثرين بجراحهم.
وعلى الرغم من أن مسلحين فلسطينيين في قطاع غزة يمتلكون ترسانة قوية من الأسلحة، تتضمن صواريخ «أرض – أرض» قادرة على ضرب أهداف في عمق إسرائيل، فإنهم لم يكونوا يمتلكون سوى أسلحة بدائية مضادة للطائرات.
ويشكل اتساع مساحة أراضي سيناء، بالإضافة إلى صحاريها وجبالها، تحديا كبيرا للجهود التي تبذلها السلطات المصرية للحفاظ على الأمن هناك. حيث أرسلت مصر في الأشهر الأخيرة تعزيزات أمنية إلى سيناء، ليصل عدد القوات في شبه الجزيرة إلى 20 ألف جندي، ولكنها تكافح مع ذلك من أجل السيطرة على منطقة تحكمها العادات والأعراف القبلية وأغلب سكانها من البدو الذين لا يثقون في الحكومة ويتحكمون في المنطقة.
وقال مسؤول أمني وعميد مصري عمل مؤخرا في سيناء إن الأسلحة المضبوطة شملت ذخيرة ومتفجرات وأسلحة أوتوماتيكية وكميات من الأسلحة الأثقل، تضمنت صواريخ مضادة للطائرات، تعمل بتقنية البحث عن الحرارة وتطلق من على الكتف، وهى صواريخ روسية الصنع من طراز «ستريلا 1» و«ستريلا 3».
وأضاف العميد، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: «لقد ضبطنا أسلحة أكثر تقدما، وهى أسلحة ليست مألوفة في أسواق الأسلحة المصرية، فهي أسلحة حرب».
ويشعر المسؤولون الأميركيون بالقلق من أن تقع أعداد من مخزون ليبيا الكبير من الصواريخ المضادة للطائرات والتي تطلق من على الكتف في نهاية المطاف في أيدي الإرهابيين، الذين قد يستخدمونها ضد الطائرات المدنية. وكانت حكومة القذافي تمتلك نحو 20 ألفا من هذه الصواريخ، وفقا لتقديرات الولايات المتحدة. وتعمل السلطات الأميركية في الوقت الحالي مع الحكومة الليبية المؤقتة على تعقب مسار تلك الصواريخ. وعلى الرغم من أنه يعتقد أن الآلاف من تلك الصواريخ قد دمرت في غارات حلف شمال الأطلسي خلال الصراع الذي جرى في هذا العام، إلا أنه يبدو أن الكثير منها قد سرق من مخازن تركت بلا حراسة في فوضى الثورة الليبية.
وتفرض معاهدة السلام التي أبرمت عام 1979 بين مصر وإسرائيل قيودا صارمة على الوجود العسكري المصري في سيناء، ولكن إسرائيل أبدت استعدادها لقبول زيادة في القوات المصرية هناك بسبب زيادة المخاوف من وقوع هجمات عبر الحدود وحدوث عمليات تهريب. ويعتمد كثير من البدو على التهريب كمصدر رئيسي للرزق، من خلال تهريب المواد الغذائية والإسمنت وغيرها من السلع إلى غزة، الواقعة تحت الحصار الإسرائيلي، مقابل المال، على الرغم من الخطوات الجديدة التي اتخذتها السلطات المصرية لغلق الأنفاق التي تؤدي إلى المنطقة.
ولم يتسن الوصول إلى محافظ شمال سيناء، اللواء عبد الوهاب مبروك، للحصول منه على تعليق، كما قال اللواء صالح المصري، مدير الأمن في شبه جزيرة سيناء، إنه لا يستطيع التحدث من دون إذن خاص.
والقبائل البدوية هنا في شمال سيناء تشعر منذ وقت طويل بأنها مهمشة ومهملة من قبل الحكومة المصرية، حيث يشيرون إلى وجود عشرات المدارس الخالية من المعلمين والمستشفيات الخالية من الأطباء وغياب الحماية الحكومية كأمثلة على إهمال النظام لهم في الماضي. كما أنهم عانوا أيضا من سوء المعاملة والاستهداف من قبل الشرطة، بعد قيام بعض المتطرفين بالهجوم على المنتجعات السياحية في سيناء في عامي 2004 و2005.
وقال اللواء سيف اليزل: «هناك نوع من المرارة الحقيقية التي يشعر بها السكان تجاه الشرطة، حيث تم تجاهل شمال سيناء تماما من قبل النظام السابق على مدى عقود، ولذا يشعر السكان كأنهم مواطنون من الدرجة الثانية».
وقد خلق هذا الشعور بالضعف دافعا قويا لدى البدو للإمساك بمقاليد الأمن بأيديهم، من خلال شراء المزيد من الأسلحة، وهو الأمر الذي يخشى الكثيرون من أن يؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة المتوترة بالفعل.
وعلى بعد أميال قليلة من الحدود مع قطاع غزة في رفح، قال تاجر أسلحة بدوي يدعى أبو أحمد، إن تهريب الأسلحة قد أصبح سهلا منذ اندلاع الثورة المصرية، التي استمرت 18 يوما، وأن الاضطرابات التي حدثت في دولة ليبيا المجاورة قد جعلت الحدود شبة مفتوحة. كما قال إن مدافع الـ«14.5 مم» الآلية المضادة للطائرات قد أصبحت متوفرة، بالإضافة إلى توافر الصواريخ المضادة للطائرات التي تطلق من الكتف والتي تشبه صواريخ «ستينغر»، وقد انخفض سعرها من 10 آلاف دولار إلى 4 آلاف دولار فقط لأنها متوفرة بكميات كبيرة في السوق.
وفي تقدير أبو أحمد فقد تضاعف عدد الأشخاص المسلحين في سيناء في الأشهر الأخيرة، مشيرا إلى أن القبائل البدوية تعمل على تكديس الأسلحة تحسبا لفشل الثورة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك وعودة الشرطة لاستهدافهم مرة أخرى.
وأضاف: «يقوم الزعماء القبليون بشراء بكميات كبيرة من الأسلحة لقبائلهم، ثم يبيعون ما يفيض عن حاجتهم منها».
وعلى الرغم من عدم وجود حركات إسلامية مسلحة معروفة في شبه الجزيرة، فإن هناك منشورات باسم تنظيم القاعدة تم توزيعها في سيناء تدعو لإنشاء إمارة إسلامية. وفي يوليو (تموز) جابت سيارات تحمل رجالا مسلحين يحملون أعلام الجهاد السوداء الشوارع وهاجموا مركزا للشرطة في مدينة العريش، كما بدأ يصبح هناك وجود ملموس في سيناء لجماعة التكفير والهجرة.
وقد طلب المسؤولون المصريون سكان سيناء بتسجيل أسلحتهم، ولكن هذه الطلبات كانت محل سخرية سكان المنطقة الذين لا يثقون في السلطات.
وقال وليد، وهو بدوي في العشرينات من عمره أصر على أن يعرف باسمه الأول فقط، إنه اشترى مدفعا مضادا للطائرات بـ15 ألف دولار، بغرض الدفاع من ناحية، ولأن شكل المدفع كان جميلا من ناحية أخرى، ثم قام بتركيبة على سيارته من طراز «لاند كروزر». وأضاف قائلا: «إذا ساد الأمن والأمان في المنطقة، سأسجل ما أمتلكه من أسلحة، ولكننا الآن لا نعرف ما الذي سيحدث، وبيتي وعملي ونساء عائلتنا هي كل شيء بالنسبة لنا، وعلينا أن نوفر الحماية لأنفسنا».