تسبب استباق تركيا للاجتماع الوزاري لمنظمة المؤتمر الإسلامي في جدة أمس، في إرباكات داخل الاجتماع الذي ساده نقاش ساخن بين وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو ووزير خارجية سوريا وليد المعلم، شارك فيه وزير الخارجية القطري، الذي وقف إلى جانب أوغلو ضد المعلم .
ونقلت صحيفة " الوطن " السعودية عن مصادر مطلعة بأن سوريا سجلت اعتراضها على فقرتين من فقرات البيان الختامي الذي خرج عن اجتماعات "اللجنة التنفيذية" لمنظمة التعاون الإسلامي، جاء في إحداها تشجيع دمشق على توقيع البرتوكول العربي الخاص بنشر المراقبين. كما أكدت المصادر أن إيران أبدت تحفظها على كامل البيان.
وقالت المصادر، إن نقاشا ساخنا دار بين المعلم وأوغلو على خلفية احتضان أنقرة لمعارضين سوريين.
واتهم المعلم، وفقا للمصادر، تركيا باحتضان المعارضة السورية.
وقالت المصادر، التي فضلت عدم الإشارة لاسمها، بأن نقاشاً ساخناً دار بين وزيري خارجية سوريا وتركيا، على خلفية احتضان أنقرة لمعارضين سوريين.
وأكدت المصادر، أن اللجنة التنفيذية والتي تضم في عضويتها 7 دول؛ هي: السعودية، مصر، السنغال، ماليزيا، كازاخستان، طاجاكستان، جيبوتي، وافقت بالإجماع على البيان الذي صدر أمس، ومكون من 9 فقرات.
وتنص الفقرة الثالثة على أن اللجنة التنفيذية تعرب " عن بالغ قلها إزاء الوضع المتردي في سوريا، وعن عميق أسفها إزاء الخسائر بالأرواح والممتلكات، وحثت في هذا الصدد السلطات السورية على التوقف فوراً عن استخدام القوة المفرطة ضد المواطنين السوريين والاحترام التام لحقوق الإنسان والوفاء بالتزاماتها المنصوص عليها في ميثاق منظمة التعاون الإسلامي وبرنامج العمل العشري للمنظمة، وذلك من أجل تجنيب البلاد خطر تدويل الأزمة مع ما يرافق ذلك من عواقب وخيمة من شأنها أن تهدد الأمن والاستقرار ".
أما الفقرة الخامسة والتي كانت محل اعتراض دمشق، فتقول " رحب الاجتماع بالجهود التي تبذلها جامعة الدول العربية من أجل التوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية، ودعوة سوريا إلى الاستجابة للقرارات الصادرة عن جامعة الدول العربية وتشجيع الحكومة السورية على توقيع البروتوكول الذي قدمته جامعة الدول العربية ووضع حد لعمليات القتل وإطلاق سراح المعتقلين".
وشهدت جلسات الاجتماع المغلقة التي استمرت لساعات طويلة في بعض جوانبها "نقاشات ساخنة"، كان محورها وزير الخارجية التركي ونظيره القطري حمد بن جاسم آل ثاني، من جهة والوزير المعلم من جهة أخرى، خاصة لجهة عدم تفاعل دمشق مع مبادرة الجامعة العربية والتي وصل فيها حديث آل ثاني موجهاً حديثه إلى المعلم "لست ضدكم وسيشهد التاريخ بذلك".
وكرر أوغلو ما قاله في مؤتمره الصحفي بأنقرة "إن سوريا لم تتجاوب مع خطة العمل العربية باعتبارها الفرصة الأخيرة، بل أهدرتها"، معتبراً أن "الحل الوحيد هو زيادة الضغط الدولي والإقليمي على النظام الذي فقد شرعيته بقتل المدنيين".
وقال الأمين العام للمنظمة أكمل الدين إحسان أوجلي "إننا في البيت الجامع للأسرة الإسلامية نحاول التقاط الفرصة الأخيرة للخروج أمام التطورات الخطيرة التي تشهدها الأزمة في سورية؛ في ظل الزخم المتنامي للتحركات الإقليمية والدولية الرامية إلى حمل الحكومة السورية لوقف أعمال العنف والاعتداءات ضد المدنيين".
وأضاف أنه "عكف منذ اندلاع الأزمة على انتهاج أسلوب الدبلوماسية الهادئة انطلاقاً من التزام المنظمة المبدئي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء"، مجدداً موقف المنظمة الرافض للتدخل العسكري في الأزمة، وتمسكه بضرورة احترام سيادة واستقلال ووحدة سورية، وضرورة وقف نزيف الدم، واستعادة الأمن والاستقرار والسير على درب الإصلاح تحقيقاً لآمال السوريين"، كما أكد رفضه لتدويل الأزمة السورية.
وكانت المخاوف من تكرار "السيناريو الليبي" حاضرة في حيثيات الاجتماع الوزاري، حيث رفضت الأطراف المجتمعة "فكرة التدخل العسكري ".
وقدم الوزير المعلم في الاجتماع عرضا للأوضاع التي تشهدها سوريا .
واستعرض الوزير المعلم القرارات التي اتخذتها القيادة السورية لإنجاز برنامج الإصلاح الشامل مع جدول زمني واضح والتي ستتوج بإقرار دستور عصري جديد للبلاد يتضمن التعددية السياسية والفصل بين السلطات وقال: إن الحوار الوطني الشامل لا يقتصر على السلطة والمعارضة بل لابد من إشراك ممثلين عن ملايين السوريين الذين لديهم مطالب مشروعة ولا ينتمون لأي من الطرفين، سحبما ذكرت وكالة الأنباء السورية ( سانا).
وأوضح الوزير المعلم أن سوريا أكدت مرارا التزامها بخطة العمل العربية التي اتفق عليها في الدوحة مبينا أن الشعب السوري هو وحده الذي يملك القرار فيما يتعلق بمستقبل بلده إلا أن ما حدث هو خروج الجامعة العربية عن هذه الخطة بسلسلة قرارات غابت عنها سوريا.
وردا على مداخلة رئيس الوزراء وزير خارجية قطر أوضح الوزير المعلم أن سوريا ليست ضد توقيع البروتوكول الذي يجب أن يتم الاتفاق عليه مع سوريا ولكنها ضد أن يكون البروتوكول عقد إذعان.
وشدد على أن سوريا لا تعترف بقرارات الجامعة التي صدرت في ظل تغييبها المتعمد والمتمثلة بتعليق عضويتها وفرض عقوبات اقتصادية على الشعب السوري.
وبين الوزير المعلم أن مشكلتنا اليوم مع دول الجوار تتمثل في تهريب السلاح وتمويل المسلحين وتدريبهم في معسكرات خاصة في الوقت الذي تمد فيه سورية يدها للتعاون مع هذه الدول لضبط الحدود.
وفي رده على وزير خارجية تركيا قال الوزير المعلم إن سوريا بشعبها أقدر على إدارة شؤونها من أي طرف آخر وترفض تلقي الدروس من الآخرين أو القبول بإملاءاتهم مؤكداً أن أباءنا وأجدادنا ناضلوا لتحرير البلاد وأن سوريا لن تفرط اليوم بسيادتها وقرارها المستقل.
وردا على ادعاءات وزير الخارجية التركي بأن تركيا تضبط كل إنش من حدودها مع دول الجوار ولا تساعد على تهريب السلاح وتدريب المسلحين رد الوزير المعلم طالبا من منظمة التعاون الإسلامي تسجيل ما صرح به وزير خارجية تركيا بهذا الصدد عارضا استعداد سوريا للتعاون الثنائي مع تركيا من أجل ضبط الحدود ومستشهدا باتفاق أضنة الأمني بين البلدين.
وفي رده على طلب الوزير التركي توقيع البروتوكول بين سوريا والجامعة العربية أولا حتى يرى المراقبون صحة ما نقول قال الوزير المعلم إن ضبط الحدود مسألة ثنائية ولا علاقة لها بتوقيع البروتوكول وأن هذه قضية بين سوريا وجامعة الدول العربية لا شأن لتركيا فيها على الرغم من مشاركة تركيا في اجتماع الجامعة العربية بالقاهرة.