[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] لم تعد تتقوقع أمام شاشة التلفاز كعادتها منتظرة برنامجها المفضل الذي كانت توليه جل اهتمامها، وتخصص له كثيرا من وقتها. فتغيرت حالة الأربعينية أم احمد كليا، وتبدل حالها بغير الحال، وأضحت أكثر وعيا، فبعد أن كانت تستقى معلوماتها من تلك القنوات المندرجة تحت اسم الدينية والمعنية بمعالجة السحر والأعمال أصبحت لا تؤمن بها قط.
حكاية مؤلمة
وتتحدث أم أحمد عن الأسباب وتقول:" كانت حياتي هادئة مستقرة، لا يعكرها شيء، لكني لا اعلم كيف انجذبت تدريجيا لتلك القنوات فجأة، وبدأت أتابع برامجها بشغف، حتى أصبحت حالتي النفسية تزداد سوءا يوما بعد يوم، فكنت أتابع البرامج باهتمام وتركيز عالي، وبصورة لا إرادية، حتى أصبحت اسقط ما يتناوله المتحدثون على نفسي، وبدأت التخيلات تسرى بمخيلتي لدرجة أن النوم لم يعد يجد سبيله عندي.
وبعد أن أطبقت للحظات، وأخرجت تنهيدة من صدرها، استطردت قائلة : " تدهورت حالتي النفسية شيئا فشيء، وبت في وضع سيء، أجبرت بموجبه على زيارة عيادات الأطباء النفسيين، وأضحت العقاقير المهدئة ومسكنات الصداع لا تفارقني، من كثرة التفكير الذي انتابني بسبب هذه البرامج.
وبمرارة تحدثت أم احمد عن خلاصة تجربتها الأليمة، مؤكدة أن أنها خلصت إلى أن القنوات المذكورة تحوي الكثير من المساوئ، وتسعى للسيطرة بصورة غريبة على عقل ونفس المشاهد، ولا تراعي بالمطلق، نوعية أو سن المشاهدين، وتستطرد في عرض قصص مروعة، لا يعرف مدها صدقها.
دمار للأسرة
وبعيدا عن تساؤلات أم أحمد وقف المحيطين بها موقف المؤيدين لأقوالها حيث أبدى زوجها امتعاظه من تلك البرامج قائلا: وصل الأمر بزوجتي الشك بى كلما حصلت مشكلة بيننا أن أحدا عمل لها عملا، أو أصابها بالسحر، وبات تؤمن بوجود الشعوذة، لتكون المشكلة بيننا هذا عدا عن التخيلات التي أصبحت لا تفارقها حتى أصبحنا نعيش حالة قلق بسبب مخاوفها وشكوكها الدائمة، مؤكدا أنها لم تكن كذلك مطلقا قبل متابعتها لتلك البرامج، التي رأى أنها تبث دون رقابة دينية .
وطالب زوج أم احمد من القائمين على هذه القنوات عدم بث مثل هذه البرامج، داعيا الدول التي تنطق منها مثل هذه القنوات فرض رقابة عليها.
وتتفق نجوى حسن مع حديث أم احمد وتقول: لا أتحدث عن تجربة جارتي أو غيرها ولكن بالفعل هذه الحالة تنتابني بعد مشاهدتي لحلقات مثل هذه البرامج، وأصبحت أتخيل بعد انتهاء البرنامج اننى الحالة التي كانت محورا لموضوع البرنامج، لدرجة أنني ذهبت لأحد الشيوخ بالمنطقة ليقرأ القرءان على رأسي، لأطمئن من كثرة الوساوس التي تتركها لي حلقات مثل هذه البرامج التي تدعى أنها دينية.
خلاف ولكن!
المواطن ياسر الشيخ لم يتفق مع ممن سبقوه وقال : وعى المشاهد أكبر من أن تؤثر عليه مثل هذه البرامج، وكل ما يمتلك داخل عقله "كنترول" يتحكم بما من شأنه إفادته، مطالبا بوضع رقابة دينية على تلك البرامج، خاصة القائمين على قنواتنا الدينية في فلسطين، لتصبح تقدم مضموم ايجابي ذا مغزى .
الدين منهم بريئ
من جهته يقول الدكتور ماهر أحمد السوسي ، أستاذ الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية، غنه من الصعب التعميم بالحكم على جميع القنوات الدينية أنها تحمل نفس الطابع، فثمة قنوات ما يبث فيها يحتوي على الإفادة للمشاهد، لكن الحكم بالخطأ يقع على من يتلاعبون بنفسيات المشاهـد خاصة الذين يقدمون ما يسمونه العلاج من السحر وتخريج الجن كدعاية لقنواتهمـ لجلب المزيد من المشاهدين، لأن هذه الأشياء لا تعالج بهكذا طريقة ويوجد لها المختصين من أصحاب العلم والدين.
ويختم السوسى: أن ما نراه يعد من أفعال المشعوذين، لأن ذلك لا يفيد بقدر ما يجلب الوساوس القهرية للمشاهد، ويجب الابتعاد عن مثل هذه القنوات، لأن غالبيتها لا يمت للدين بصلة والحكم عليه انه يتبع لبند الدين خاطئا، فأحكام الدين معروفة والعلاج بالدين معروف، ولا يتم بطريقة العرض عبر شاشات التلفاز، فله أصوله وله علماؤه، داعيا في سياق حديثه للحذر من كل ما يبث فليس كل ما يبث تحت اسم الدين جدير بالمشاهدة، داعيا القائمين على هذه البرامج بتقوى الله بمن يستقونها.
محاذير ومخاطر
الأخصائية النفسية عزيزة عبد الحي حذرت من تلك البرامج التي تدمر نفسية المشاهدين، واصفة تلك البرامج بأنها حلت محل المشعوذين بطريقة أرقى عبر شاشات التلفاز، لكسب الأموال وعمل الدعايات، واضعة اللوم على عقلية المشاهد الذي أصبح هو المروج الوحيد لها، بسبب متابعته لهذه البرامج التي تتستر تحت بند البرامج الدينية .
وتضيف عبد الحي: لا يوجد اخطر من هذا الإعلام المسموم، الذي يعد بلا رقابة، لأن تلك الموضوعات علاجها بالدين معروف وعلاجها عند العلماء وليس ممن لا يعرف لهم هوية، ومهمتهم الكسب المادي لا أكثر، دون مراعاة لمحتوى المادة المقدمة ومدى خطرها على المشاهد.
وأكدت عبد الحي أن أكثر من حالة أصبحت تعانى بفعل مثل هذه البرامج، لأنها ألقت بسلبياتها على المشاهد وأوقعته ما بين الوساوس والمخاوف والهواجس، بعد مشاهدته كل حلقة.
وعن العلاج اقتصرت عبد الحي بالقول ...يجب على قنواتنا وإذاعاتنا وإعلامنا القيام بسد النقص الذي يجعل المشاهد يفر لمشاهدة البرامج التي تبثها قنوات لا يعرف لها أصل، مطالبة المشاهد بأن يكون على قدر من الوعي والتحكم بما يفيده، وبما يضره دون أن تدخل عليه هذه البرامج من باب يجهله.