كشفت مصادر مقربة من"المجلس الوطني السوري" أن هناك صراعا قويا داخل أقطابه وبين الجهات الإقليمية والدولية التي تقف وراء هذه الأقطاب من أجل تغيير قواعد اللعبة وازداد الأمر تعقيدا مع انضمام وافد جديد لـ"المجلس" هو نائب رئيس الوزراء الأسبق "عبد الله الدردري".
ويأتي ذلك تزامناً مع استئناف "المجلس الوطني السوري" اجتماعاته في الدوحة اليوم لانتخاب رئيس جديد له خلفا لبرهان غليون كما هو مخطط له.
ونقل موقع "الحقيقة" المعارض عن مصادر فرنسية القول إن فرنسا وقطر تصران على بقاء غليون رئيسا لـ"المجلس" ، في الوقت الذي تسعى وكالة المخابرات المركزية الأميركية لفرض الدردري خلفا له "بعد أن أثبت نجاحه في تنفيذ سياسة إقتصادية ليبرالية في سوريا تنسجم تماما مع أجندة صندوق النقد الدولي، ولكونه الأجدر في إدارة المساعدات المالية والعسكرية التي ستبدأ الدول الغربية تقديمها للمسلحين السوريين ، و لأن لديه قنوات اتصال مع جهات أمنية وعسكرية في سوريا تمكّن من الاستحواذ عليها خلال فترة خدمته في الحكومة السورية ومن خلال والده المتقاعد عبد الرزاق الدردري" ، نائب رئيس الأركان الأسبق.
وتقول مصادر "المجلس" التي نقل عنها موقع "الحقيقة" إن قسما كبيرا من التيار الإسلامي فيه، الذي يضم "الأخوان المسلمين" و بقايا "الطليعة الإسلامية المقاتلة" وورثتها ، وآخرين ، يدفع باتجاه تسمية هيثم المالح خلفا لغليون، وهو ما يواجه بمقاومة من قبل المجموعات والتيارات الأخرى في "المجلس"، ومن القسم الآخر في التيار الإسلامي نفسه، ووصل الصراع إلى حد التناحر بين أبناء التيار الواحد وترويج الأخبار والإشاعات عن بعضهم البعض.
ونقلت مصادر عن الإسلامي أحمد رمضان ، الذي يعتبر بمثابة "خازن بيت المال" في "المجلس" إلى حد اتهام المالح بأنه من "أصحاب رامي مخلوف ومتموليه ، ومن عملاء هشام بختيار" رئيس مكتب الأمن القومي ، علما بأن المالح يحصل على تمويله من أحد رجال الدين الخليجيين الذي حول له مؤخرا ، وفق هذه المصادر، ما يقارب المليون دولار.
وتصر "مجموعة فرنسا وقطر" في "المجلس" ، وعلى رأسها أحمد رمضان نفسه ، على بقاء غليون ليس حبا به ، ولكن لأن الأخير أبلغ جميع الأطراف بأنه إذا ما أقيل من رئاسة "المجلس" فإنه سيعلن "انشقاقه" عليه.
ونقلت هذه المصادر عن أحمد رمضان قوله" إن خروج غليون من المجلس سيؤدي تلقائيا إلى خروج عدد مهم من الأعضاء الآخرين ، لاسيما وأن غليون بات يمسك بعدد من المفاتيح المالية التي وفرها له حمد بن جاسم ورجل الأعمال السوري المقيم في لندن أيمن الأصفري .
كما أنه سيؤدي إلى قيام فرنسا وقطر بممارسة ضغط على أعضاء المجلس لانتخاب واحد من أعضاء النادي الفرنسي فيه ، لاسيما جورج صبرا وبسمة قضماني، وكلاهما غير مقبول من التيار الإسلامي، الأول لكونه ذميا والثانية لكونها امرأة".
ويواجه المجلس عدة مشاكل أهمها "السرقات" باتت عاملا أساسيا بذاتها لتهديد وحدته، فبحسب مصدر في "المجلس"، تبين أن مئات ألوف الدولارت التي حولها الشيخ "عدنان العرعور" بالتعاون مع المخابرات السعودية للعقيد رياض الأسعد ، من أجل شراء السلاح والمستلزمات العسكرية الأخرى، جرت سرقتها ولم يصل منها للمسلحين في الداخل سوى النزر اليسير.
ووسط هذا الصراع المحتدم، والتي تسعى قطر وفرنسا لاحتوائه ومنع انفجاره، تقدمت وكالة المخابرات المركزية الأميركية بضع خطوات أخرى إلى الأمام في هذه الحرب ، حين عمدت إلى دفع رجلها العتيق عبد الله الدردري للانضمام إلى "المجلس" قبل يومين، آملة أن يكون " قاسما مشتركا وحلا وسطا بين الفئات المتصارعة".إلا أن الأمر ، وكما تقول هذه المصادر، ليس مضمونا لها ، بالنظر لأن " النادي الفرنسي ـ القطري ـ الخليجي" في "المجلس" لا يزال هو الأقوى كونه يمسك بالمفاتيح المالية الاساسية، ولأن رائحة الدردري في الشارع السوري فاحت قبل ذلك فارتبطت الكارثة الاقتصادية التي وصلت إليها سوريا باسمه خلال السنوات الأخيرة.