كشف حزب الله اللبناني، النقاب عن الهيكل التنظيمي للمخابرات الامريكية "سي. آي. إيه" في لبنان، بالأسماء، والتواريخ، والأسماء الحركية، وآلية العمل، وأهداف التجنيد، وذلك في برنامج بثه تلفزيون المنار مساء أمس الجمعة.
وكشف حزب الله في تقرير مفصل وزعه يوم السبت، عن "النشاط الاستخباري لجهاز سي. آي. إيه، انطلاقا من محطة متمركزة بشكل دائم في أحد المباني التابعة للسفارة الامريكية في عوكر، والتي تتولى إدارة وتشغيل شبكات واسعة من المخبرين المنتشرين على الأراضي اللبنانية، في قطاعات سياسية، واجتماعية، وتربوية، وصحية، وأمنية، وإعلامية وعسكرية عدة."
وحدد التقرير الهياكل التنظيمية لتلك المحطة، بدءا برئيسها، ضابط الاستخبارات، دانيال باتريك ماكفيلي، الذي حل محل الرئيس السابق للمحطة، لويس كاهي، والذي ترك عمله في بداية العام 2009.
وسمى التقرير مجموعة من الضباط العاملين، كما أشار إلى أن ضباط الاستخبارات يستخدمون أسماء وهمية يقدمون أنفسهم بها، ويلفت التقرير الانتباه إلى أن محطة الاستخبارات الامريكية في لبنان تنفذ عمليات تجنيد تطال مختلف شرائح المجتمع اللبناني.
وسلط التقرير الضوء على أهداف "سي. آي. إيه" في لبنان، ولا سيما الاستطلاع والاستخبار عن كل ما يتعلق بأفراد حزب الله والمقاومة من العناصر والمسؤولين، وأرقام هواتفهم، وعناوين أماكن سكنهم، وعناوين المدارس التي يتعلم فيها أولادهم، ومشاكلهم المالية.
ومن بين تلك الأهداف أيضا رصد أسماء مسؤولي حزب الله في القرى، والأسلحة التي بحوزتهم، ومخازن الصواريخ والبنى اللوجستية للمقاومة، والكوادر المعروفين بأنهم مطاردون من العدو الاسرائيلي بهدف اغتيالهم.
هذا ولم يصدر حتى الآن أي تعليق عن السفارة الأمريكية في لبنان.
بدورها قالت جريدة السفير التي نشرت مقتطفات من التقرير، إن حزب الله بدا من خلال هذه الخطوة أنه "أراد إيصال رسالة للأمريكيين، وربما لسفارات دول أخرى تمارس الدور نفسه، أي العمل بصفة مخبر عند الاسرائيليين، بأن عين المقاومة ساهرة على الأمن الوطني، وأن ما توصل إلى هذه الداتا من المعلومات، قادر على بث معلومات أخرى قد تكون أخطر بكثير، في التوقيت الذي يختاره، ضمن الحرب الخفية أو الباردة المفتوحة بين المقاومة والأجهزة الاستخباراتية، التي تعمل عند الاسرائيليين."
وكان نائب حزب الله في البرلمان اللبناني، حسن فضل الله، دعا الحكومة اللبنانية إلى تحرك فوري، واتخاذ الاجراءات الأمنية والقانونية لوقف هذه الأنشطة الجاسوسية، ووقف هذه المحطة عن العمل، وتفكيك منشآتها.
بدوره أعلن نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم أن "ما كُشف حتى الآن عن معلوماتنا كحزب الله عن المخابرات الأمريكية هو جزء من كل، وهو بعض ما لدينا من معطيات"، مؤكداً أن هيكلية المخابرات الأمريكية مكشوفة والمشغِّلون معروفون، وبالتالي هناك تفاصيل كثيرة تجري مع هؤلاء ومن معهم من عملاء وهي محل رصد واهتمام"، كاشفاً ان "الدخول على هذا الملف هو من بوابة الملف الإسرائيلي، لأن اهتمام المقاومة الأساسي هو العمل الإسرائيلي والعملاء والنشاطات الإسرائيلية ومخابراتها، ولأنه حصل تقاطع في خدمة المخابرات الأمريكية للمخابرات الإسرائيلية في مواطن مختلفة ومنها أثناء الحرب على لبنان أثناء الحرب في تموز 2006، كان لا بد من التعمق أكثر في كشف حركة ونشاط المخابرات الأمريكية، ولا أعلم إذا كانوا يدركون أن بعض من يشتغل معهم يشتغل مع غيرهم"، مشيراً الى أن "بعض الضباط لديهم معروفون بالفساد المالي، وهذا يعني أنه يمكن شراؤهم أيضاً، فلا توجد صعوبات معقدة جداً لكشف بعض التفاصيل والاطلاع على بعض المعطيات، وعلى الذين يعملون أو يودون أن يعملوا مع المخابرات الأمريكية أن يحسبوا حساباً بأن صورتهم ومعلوماتهم مكشوفة إن شاء الله في حرب الأدمغة التي يقوم بها حزب الله في مواجهة المخابرات الإسرائيلية، وهنا بالتبعية المخابرات الأمريكية".
وأكد الشيخ قاسم خلال كلمة له في حفل تأبين السيد أحمد بدر الدين في مجمع شمس الدين - شاتيلا، أن "أمريكا بهذا العمل تعتدي كما تعتدي إسرائيل، وبالتالي سنتابع هذا الملف ومعطيات هذا الملف، كما نتابع ملف المخابرات الإسرائيلية والعمالة الإسرائيلية، فإنه تحت الكاشفات الضوئية للمقاومة الإسلامية، وهذا يعني أننا نمتلك المعلومات المناسبة، فإذا ظنوا أنهم يسيرون في الخفاء فهم مخطئون".
وقال إنه "بعد حرب تموز ثبتت المعادلة الذهبية الرائدة، معادلة ثلاثي القوة: الجيش والشعب والمقاومة، وهذه المعادلة أصبحت راسخة رسوخ لبنان، وقد تجاوزنا شرعية سلاح المقاومة، فهو شرعي وقانوي مئة بالمئة، والآن انتقلنا إلى مرحلة أخرى تتعلق بمساءلة أولئك الذين لا يقدِّمون الدعم للمقاومة، ولا يقومون بواجبهم من أجل تحرير لبنان، ولا يعملون من أجل طرد إسرائيل، ولا يُصدرون المواقف التي تنتقد العمل الإسرائيلي والاختراقات الإسرائيلية، فهم يتحملون مسؤولية السكوت عن الاعتداء على لبنان، ولسنا نحن الذين نتحمل مسؤولية أننا ندافع أو نقاتل أو نستعد"، سائلاً "إلى متى سيبقى البعض ساكتاً عن اعتداءات إسرائيل وخروقاتها البرية والجوية؟ وإلى متى ستبقى خطوات هذا البعض جزءاً لا يتجزأ من المشروع الأمريكي الإسرائيلي المضر بلبنان؟ وإلى متى سيبقى هؤلاء بوابة لتسهيل العدوان على سوريا بطرق مختلفة، سياسياً وبتمويل الجماعات التي تقاتل وتقتل؟"، معتبراً أن "مسؤولية هؤلاء نصرة الشعب وتأييد الجيش ودعم المقاومة، وفي الثلاثة لديهم التقصير الكبير".
واضاف الشيخ قاسم "لا أخفيكم بسعادتي الكبيرة أني لأول مرة أرى فيلتمان يأتي إلى لبنان ويخرج بائساً يائساً، في كل مرة كان يأتي إلى لبنان ويأمر وينهى ويطلب وتُرفع له التقارير، هذه المرة جاء يُناقش ويتمنى، ولكن كانت الردود التي سمعها ردوداً تقطع الطريق على تلك الأوامر السابقة، فلا استخدام لبنان منصة ضد سوريا ممكن في ظل هذا الواقع الذي نعيشه، ولا بعض المواقف الشجاعة التي دعمت المقاومة وأيَّدتها سترد على فيلتمان تحت أي عنوان من العناوين، وهو يعلم أن أمريكا اليوم تحصد عدداً من الهزائم في أماكن مختلفة، ومن الطبيعي أن تكون الهزيمة في لبنان أول وأهم هزيمة، من خلال تحطيم القدرة الإسرائيلية في عدوان تموز 2006، ومن خلال كشف محطة العمالة الأمريكية في لبنان".
وتابع "اطَّلعنا في هذين اليومين على عمل أحد القضاة اللبنانيين، الذين تصل إليهم التمييز بأحكام العملاء، وبعضهم من تجاوزت أحكامه الإبتدائية أو الاستئنافية عشر سنوات أو خمسة عشر عاماً، وإذ بهذا القاضي يُطلق عدداً من العملاء بالتمييز، من دون أن يأخذ بعين الاعتبار ملفه المليء بالعمالة والذي يتطلب حكماً"، مضيفاً "نحن سنتابع هذا الأمر بالقنوات العادية، ولكن القضاء يتحمل مسؤولية عدم التهاون مع العملاء بالضوابط التي يعتمدها القضاء اللبناني، وهي ضوابط سهلة، لكن أن تصل إلى حد البراءة لمن لا يستحق البراءة، أو إطلاق السراح لاعتبارات سياسية وخدمات مناطقية، هذا أمر مرفوض لأنكم تعلمون أن ساحتنا مليئة بمحاولات استخبارية أمريكية وإسرائيلية للعبث بواقعنا في لبنان، وعلينا أن نضع حدوداً في مواقع مختلفة، منها أن يُحاكم العميل محاكمة عادلة ومعقولة من أجل أن لا تكون العمالة سهلة ومتاحة لأي كان".