كشف ضابط "موساد" إسرائيلي، في سيرته الذاتية، التي نشرت صحيفة "هآرتس" مقتطفات منها هذا الأسبوع، تفاصيل حول عمل الموساد في خمسينات وستينات القرن الماضي، ويلقي الضوء على خطة إسرائيلية سرية لتفكيك لبنان وسوريا إلى دويلات طائفية متصارعة.
ويروي رجل الموساد، أفرايم مارون، الذي بلغ التسعين من العمر، في مذكراته التي نشرت بنسخ معدودة، قضية اختفاء وثيقة إسرائيلية سرية باسم "وثيقة ليفي"، في سنوات الخمسين، تتضمن خططا لتفكيك لبنان وسوريا وتفتيتهما إلى دويلات صغيرة متصارعة، وعقد تحالفات مع بعضها. ويؤكد رجل الموساد، بذلك، صحة الوثيقة التي نشرتها صحيفة هندية حينذاك، وترجمتها صحيفة سورية.
ويقول رجل الموساد إن إسرائيل لم تعلق على ما فحوى الخطة التي نشرت في صحيفة هندية ناطقة باللغة الانجليزية، ونشرت ترجمتها صحيفة سورية معروفة، لكن بعد أن عرضت على المسؤولين الأمنيين في إحدى جلساتهم، انبرى يوفال نئمان، المسؤول في الاستخبارات العسكرية "أمان"، مذعورا، وقال: هذه الخطة التي أعددتها كلمة بكلمة".
ويوضح مارون أن نئمان أعد الخطة وصنفها بـ "سرية للغاية" وأطلق عليها "ملف ليفي" وطبع منها 11 نسخة، وبعد التسريب أوكله الموساد بالتحقيق حول تسريب الوثيقة. ويقول مارون أنه نجح في الوصول إلى 10 وثائق، وخلص إلى أن الوثيقة الحادية عشرة اختفت من وزارة الأمن.
واشار ضابط الموساد إلى أنه بعد المقارنة بين النسخة الانجليزية التي نشرتها الصحيفة الهندية وبين الوثيقة الأصلية، استنتج أن لغة الأم لمترجم الوثيقة من العبرية للانجليزية هي اللغة الروسية، وخلص إلى ذلك نتيجة لبعض الأخطاء التي قد تواجه مترجمين روس حين يترجمون نصا عبريا.
وبحسب مارون، حامت الشبهات حول التسريب حول يسرائيل بار وهو ضابط رفيع في قوات الاحتياط، وشغل منصبا رفيعا في غرفة العمليات التابعة للجيش الإسرائيلي خلال احتلال فلسطين عام 1948. ويشير مارون إلى أن بار اعتقل عام 61 بتهمة التجسس لصالح الاتحاد السوفياتي، وأبدى استعدادا للتعاون مع محققي الشاباك بعد أن عرضوا عليه الوثيقة، لكنه توفي في السجن دون أن يعترف بالتسريب .
الرئيس التونسي بورقيبة
وفي قضية أخرى، يكشف ضابط الموساد رسالة سرية من الرئيس التونسي السابق الحبيب بورغيبة، يعرب فيها عن استعداده للاعتراف بإسرائيل. ويقول مارون: بعد حرب عام 67 وهزيمة العرب، دخل ممثل عن بورقيبة السفارة الإسرائيلية في روما وطلب مقابلة مسؤولي السفارة، إلا أن ضباط الموساد أشاروا لمسؤولي السفارة تحديد موعد لليوم التالي للتحقق من هويته.
وبحسب مارون، بعد التحقق من هوية الضيف تبين أنه فلسطيني مهجر من منطقة القدس، لجأ مع عائلته لتونس بعد النكبة، ويعتبر من المقربين لـ بو رقيبة.
وحسب ضابط الاستخبارات، قال ممثل بو رقيبة للإسرائيليين، إن تونس توصلت إلى استنتاج بعد الحرب بأنه لا يمكن إخضاع إسرائيل بالقوة، وهي على استعداد للتفاوض مع إسرائيل، ولـلقيام بدور الوساطة بين إسرائيل والعرب . إلا أن مارون أكد أن الأمر لم يلقى أي اهتمام لدى المسؤولين الإسرائيليين، ولم يتلق مسؤولو السفارة أي رد على العرض التونسي.
ويقول مارون: بعد فترة قصيرة أجرى رئيس الموساد، مئير عاميت زيارة لإيطاليا، فحدثته عن الرجل التونسي والرسالة التي حملها، واستخفاف المسؤولين السياسيين بالأمر، فرد عاميت قائلا: " لا تستغرب، لا يوجد مع من تتحدث، هم جميعا في نشوة النصر، ولا أحد يفكر للمدى البعيد".
ويتطرق رجل الموساد مارون، لعدة قضايا وعمليات شارك بها أو أشرف عليها، منها عمليات ملاحقة خبراء الذرة الأجانب الذين عملوا في مصر في تلك الحقبة، ويروي قصة فشله في الضغط على أسرة عالمة ألمانية تعمل في مصر، بسبب يقظة رجال الاستخبارات المصريين، إلا أنه لا يتطرق لعمليات اغتيال نسبت للموساد. ويتحدث مارون عن قيامه بتجنيد موظفة عربية متزوجة لإيطالي تعمل في إحدى السفارات العربية في إيطاليا(لم يذكر الاسم ولم يحدد سفارة اية دولة عربية).