[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] بعد مرور يوم واحد على العمليّات التي نُفذت في جنوب الدولة العبريّة، الخميس، بدأ مسلسل تبادل الاتهامات بين الأجهزة الأمنيّة حول الاستعداد للعمليّة، فقد ذكرت صحيفة 'يديعوت أحرونوت' العبريّة في عددها الصادر الجمعة أنّ جهاز الأمن العام (الشاباك) قام بتزويد الجيش الإسرائيليّ بمعلومات دقيقة عن العمليّة، ولكنّ الجيش لم يستوعب الإنذار المبكر، على حد تعبير المصادر الأمنيّة في تل أبيب، الأمر الذي مكّن الخليّة الفدائيّة من إخراج العمليّة إلى حيّز التنفيذ وإيقاع إصابات كبيرة في الجانب الإسرائيليّ.
وعلى الرغم من أنّ إسرائيل قامت بالرد على العمليّة بقصف قطاع غزة، إلا أنّ الارتباك في الحلبة السياسية والأمنية الإسرائيلية في ما زال سيّد الموقف، خصوصًا وأنّ المقاومة الفلسطينيّة قصفت صباح الجمعة بصواريخ من طراز (غراد) المدن الجنوبيّة: بئر السبع، عسقلان وكريات غات، والعديد من المستوطنات الإسرائيليّة المتاخمة لقطاع غزة. وكشفت صحيفة (يديعوت أحرونوت) النقاب عن أنّ الفدائيين حاولوا إسقاط مروحيّة عسكريّة، وأطلقوا القذائف على القوات التي وصلت لتقديم المساعدة، كما أنّهم أطلقوا النيران باتجاه مكان تواجد وزير الأمن، إيهود باراك، ورئيس هيئة الأركان العامّة، بيني غانتس، عندما كانا في المنطقة يتشاوران مع القيادة حول كيفية التعامل مع الخليّة التي نفّت العمليّة.
من ناحيتها قالت صحيفة 'هآرتس' إنّ سلسلة العمليات في الجنوب يوم الخميس تثير العديد من الأسئلة الصعبة في المؤسسة الأمنيّة: السؤال الأول، بحسب المصادر الأمنيّة، يتعلق بمواصلة استعانة الجيش الإسرائيليّ بقوات الأمن المصريّة، كجزء من حماية الحدود الجنوبيّة، لافتةً إلى أنّه منذ توقيع اتفاق السلام مع مصر سمح الجيش الإسرائيليّ لنفسه بتفكيك جميع الوحدات العاملة في الجبهة الجنوبيّة، وأضافت أنّه في الأسابيع الأخيرة قام الجيش بإرسال عدد كبير من الوحدات للمرابطة على الحدود مع مصر، ولكنّ استمرار هذا الوضع يعود سلبًا على برنامج التدريبات المخطط له، ومن غير المستبعد الاضطرار إلى استدعاء قوات الاحتياط، أمّا السؤال الثاني بحسب المصادر عينها، فإنّه يتعلق بالمعلومات الاستخباراتيّة، ذلك أنّ إسرائيل لا تسمح لنفسها بتشغيل عملاء داخل الأرضي المصريّة وتعتمد في جمع المعلومات على الأجهزة الالكترونيّة وعلى المعلومات التي يتم جمعها من قطاع غزة، وبالتالي فإنّ الوضع الجديد الذي نشأ يُحتّم على صنّاع القرار في تل أبيب إعادة تقييم الأوضاع من الناحية العملياتيّة والاستخباراتيّة.
ونقلت الصحيفة العبريّة عن مصادر رفيعة في جهاز الأمن العام (الشاباك) قولها بإصرار إنّ الجهاز قام بتزويد الجيش بمعلومات دقيقة للغاية حول مكان العمليّة وحول الخليّة التي وصلت إلى المكان من قطاع غزة، ولكنّ الجيش رفض الاتهامات وقال إنّه لم يتوقع أنْ تُنفذ العمليّة في ساعات اليوم وبالقرب من ثكنة عسكريّة مصريّة، ولكن ما حدث أنّ الخلية أخرجت العملية إلى حيّز التنفيذ خلافًا لتوقعات الجيش، الذي رفض الاتهامات وقال مصدر أمنيّ رفيع المستوى للصحيفة العبريّة إنّ المعلومات المسبقة التي حصل عليها من الشاباك لم تكن دقيقة، لافتًا إلى أنّ الشاباك يقوم بعمل ممتاز في إحباط العمليات، ولكن في الفترة الأخيرة ازدادت كثيرًا التحذيرات من وقوع عمليات، وذلك نابع من الفوضى الأمنيّة السائدة في المنطقة بسبب ضعف القوات المصريّة، على حد تعبيره.
ولكن مع ذلك، قالت 'هآرتس' إنّ تبادل الاتهامات بين الجيش والشاباك سيكون من المواضيع الرئيسيّة التي ستعمل الجهات ذات الصلة على فحصها والتحقق منها، مشيرةً إلى أنّ ما يزيد الارتباك في صفوف المنظومة الأمنيّة الإسرائيليّة يتعلق بهروب أغلبية أعضاء الخلية وعودتهم إلى سيناء دون أنْ يصابوا بأذى، على حد تعبيرها.
في نفس السياق رأى المحلل للشؤون الإستراتيجيّة، أمير أورن في 'هآرتس' أنّ عملية إيلات أصابت اتفاق السلام مع مصر بجراح بالغة جدًا، لافتًا إلى أنّه في الواقع لا توجد قوات مصريّة تُهدد الحدود مع إسرائيل، ولكن التعاون بين حماس وحزب الله والجهاد الإسلاميّ ولجان المقاومة الشعبيّة والجهاد العالميّ أوجد وضعًا في الجنوب لا يمكن تحمله، مشددًا على أنّ جارة إسرائيل، أيْ مصر، هي دولة معادية وتسمح للأعداء بمهاجمتها، وزاد القوات الدوليّة العاملة في سيناء، بقيادة أمريكيّة، ضعيفة وهشّة للغاية، وخلص إلى القول إنّ السلام مع كلٍ من مصر والأردن كان هدفه التقليل إلى الحد الأدنى من العمليات ضدّ الأهداف الإسرائيليّة، ولكن بدون حسني مبارك المخلوع، ومع حماس في غزة، ومع إدارة أمريكيّة لا تثق بالحكومة الإسرائيليّة الحاليّة، فإنّ القادم سيكون أسوأ من الأسوأ، على حد تعبيره.
من ناحيته قال المحلل أليكس فيشمان في 'يديعوت أحرونوت' إنّ الشاباك أوصل المعلومات الدقيقة للجيش، ولكنّ الأخير ارتكب خطأ فادحا في تقييم الوضع، الأمر الذي سمح للخلية بتنفيذ العملية النوعيّة بشكل صحيح، وما من شك بأنّ الفدائيين سيقومون في المستقبل المنظور بمحاولات عديدة لتنفيذ عمليات مشابهة، أمّا المحلل ايتان هابر، رئيس ديوان رئيس الوزراء الإسرائيليّ الأسبق، إسحاق رابين، فقال إنّ القضية التي نحن بصددها أبعد بكثير من العملية المؤلمة التي وقعت الخميس، ذلك أنّه أمام أعيننا تقوم إمبراطوريّة عربيّة إسلاميّة، التي من الممكن إذا وفقنا نتفرج، أنْ تبدأ في رام الله وتنتهي في العاصمة الإيرانيّة طهران. أمّا ناحوم بارنيع كبير المحللين السياسيين في الصحيفة فقال إنّ السؤال المفصليّ الذي يترتب على المستويين الأمنيّ والسياسيّ الرد عليه هو: هل على إسرائيل إعادة نشر قواتها على الحدود مع مصر كما كانت قبل توقيع اتفاق السلام مع مصر.
في نفس السياق، رأى المحلل السياسيّ في صحيفة 'معاريف'، بن كاسبيت، أنّ الوضع الأمنيّ في سيناء لن يتحسن، بل على العكس من ذلك، من غير المستبعد أنْ تتحوّل الحدود الجنوبيّة مع مصر إلى جنوب لبنان الثاني مع حزب الله، وبالتالي يتحتم على الحكومة الإسرائيليّة، أضاف كاسبيت، التعامل مع هذه الحدود على أنّها حدود إرهابيّة بكل ما يحمل هذا المصطلح من معانٍ، فقد تحولت سيناء برأيه إلى معقل كبير للإرهابيين، وهناك بنية تحتية خصبة جدًا للتنظيمات الإرهابيّة، وكل ذلك يجري بدون حسيب أوْ رقيب، وبالتالي إذا استمر الوضع على ما هو فإنّ إسرائيل ستخسر، وستخسر كثيرًا، على حد تعبيره